للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسه، ومن قرأ {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ} بالتخفيف قيل معناه ما كذب الفؤاد ما رأى بعيني قلبه (١).

وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "رأى محمد ربه مرة بقلبه ومرة ببصره". فسمع ذلك كعب الأحبار، فقال: "أشهد بالله إن هذا لفي التوراة، وأن الله فسم كلامه ورؤيته بين موسى وبين محمد صلى الله عليه وسلم، موسى سمع كلام الله مرتين، ومحمد صلى الله عليه وسلم رأى ربه مرتين" (٢).

وأما عائشة - رضي الله عنها -، فروي عنها أنها أنكرت ذلك وقالت: "ثلاث من قال واحدة منهم فقد أعظم على الله الفرية، من قال: إنه يدري ما يكون في غد قال الله تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً} (٣)، ومن زعم أن محمداً كتم شيئاً من الوحي فقد أعظم على الله الفرية والله يقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (٤)، ومن زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ


(١) قراءة التخفيف قراءة الجمهور وقرأ عاصم الجحدري، وأبو جعفر القارئ والحسن البصري بالتشديد. انظر: تفسير ابن جرير ٢٧/ ٤٩، ولم أقف على من فرق في المعنى بين القراءتين.
(٢) أخرجه ت. كتاب التفسير (ب. سورة النجم) ٥/ ٣٩٤ نحوه وفي إسناده مجالد بن سعيد الهمداني، قال ابن حجر: ليس بالقوي. التقريب ص ٣٢٨ كما أخرجه مختصراً ابن خزيمة في التوحيد ١/ ٤٩٦. واللالكائي في السنة ٣/ ٥٠٠ وإسناده حسن، وليس في شيء منها الإشارة إلى قول ابن عباس "رأى محمد ربه مرة بقلبه ومرة ببصره" وقد أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان ١/ ١٥٨ إثبات الرؤية بالقلب.
ولم أقف على روابة مسندة عن ابن عباس فيها إثبات الرؤية مقيدة بالبصر، وإنما أخرج عنه الحاكم وصححه أنه قال: "أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم" المستدرك ١/ ٦٥، وقد روى عنه ذلك ابن خزيمة من عدة طرق. انظره في كتاب التوحيد ١/ ٤٧٩.
(٣) لقمان آية (٣٤).
(٤) المائدة آية (٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>