للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب أن يقال له:

لهجك (١) بإطلاق القول بأن هذه الأفعال خبائث وقبائح لا يوجب صحة مذهبك لما تقدم بيانه من أنها خبائث وقبائح ممن حرمت عليه (٢) وولي اليتيم والشاهد ممن حرم عليه فعلها، ولا يتوجه ذلك في حق الله تعالى.

وأما قولك إنه أراد الطاعات من جميع العباد ولم يرد من واحد منهم المعصية، فهذا غير مسلم به، فطيف تحتج بمذهبك على مذهبك، وهذا يدل منك على عدم (٣) الرواية والاستدلال.

وأما قولك: عدم المنع منه لا يدل على إرادته، واحتجاجه بالآية فقد مضى الجواب عن ذلك كله بما يغني عن إعادته (٤).

ثم قال هذا المخالف: أما قول المستدل: بإجماع الناس مسلمهم وكافرهم على القول: (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) فلا يصح لأن هذه اللفظة من إطلاقات المجبرة على أصلهم المنهار، ولو صح الإجماع على إطلاق هذه اللفظة فإن المقصود بها ما شاء الله من فعله كان، وما لم يشأ لم يكن (٥) لأن غرض المكلفين بذلك مدح الله بأحسن المدائح والثناء عليه بأبلغ المحاسن وليس من الثناء الحسن ولا من المدح البليغ بأن يصفوه بأنه مريد المخازي والخبائث والمعاصي، وإنما يصح المدح إذا تعلق ذلك بأفعاله تعالى لأنه ينبئ عن عظيم الاقتدار، وقد روينا عن أجلاء الصحابة والتابعين (٦) نفي هذه الخبائث عن الله فدل على بطلان الإجماع بما ذكر.


(١) في الأصل (هجاوك) ولا معنى لها هنا وهي في - ح- كما أثبتها.
(٢) انظر: ص
(٣) في الأصل (لا عدم) وهي في - ح- كما أثبتها وهي الأصوب.
(٤) انظر: ص ٣٠٠.
(٥) انظر كلام القاضي عبد الجبار في هذا في كتابه: المغني ٦/ ٢٨٣.
(٦) في النسختين (على) ولا معنى لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>