للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عن هذا أن يقال لهذا المجيب:

هذا كلام لا فائدة تحته إلا لتوجد (١) أتباعك أنك قد أجبت، وإنما الجواب بما يقع منه فائدة وتعلق بالمعنى المراد بيانه، وعلم الإله بجميع الموجودات (٢) لم يجب لكونه قديما، ولا لأنه عالم لذاته وإنما أثبتنا له العلم لننفى عنه ضده وهو الجهل ووصفناه بأنه قديم لئلا يسبقه شيء في الوجود. وأما قوله: إنه عالم لذاته مستغن عن علم يعلم به، فغير مسلم له على ما مضى (٣) وليس لما ذكره هاهنا تعلق بما نحن فيه إلا شهادته على نفسه باظهاره مذهبه الفاسد في نفي صفات الكمال عن الله سبحانه التي أثبتها لنفسه وما أغناه عن ذلك، إلا أن الله أنطقه بما يوجب تصديق قول النبي [صلى الله عليه وسلم] بالتحذير عن مجالسته والأخذ منه.

ثم قال بعد ذلك: فأما من يريد المخازي والفضائح والقبائح (٤) فلا يصلح أن يكون وليا لليتيم ولا شاهدا في درهم فكيف يكون إلها، وإنما أراد تعالى الطاعات والخيرات وإن لم يوجد كثير منها، لأنه أراد أن يحصل باختيار المكلفين ولم يرد المعاصي والقبائح (٥) وإن وجد كثير منها، ولم يمنع منه لأن المنع ينافي التمكين، ولا يدل تركه المنع على إرادته لها ولا على عجزه عنها بل على حلمه، ولهذا امتن الله عليهم بقوله {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} (٦).


(١) هكذا في النسختين ولعل صوابها (لتوهم).
(٢) في - ح - (المعلومات).
(٣) تقدم في الرد على المعتزلة في قولهم في العلم وزعمهم تن الله مستغن بذاته عن كل شيء - انظر ما تقدم - ص (١٣٣).
(٤) في - ح - (المخازى والخبائث).
(٥) في - ح - (والخبائث).
(٦) البقرة آية ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>