للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٦ - فصل

ومن الأدلة المذكورة لنا قول الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} (١) وكذلك قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاّ لِلَّذِينَ آمَنُوا} (٢) وكذلك قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (٣).

فأمر الله الخلق أن يسألوه بأن لا يزيغ قلوبهم، ولا يجعل في قلوبهم غلاً للذين آمنوا، وأن يهديهم إلى الصراط المستقيم، ولا يجوز أن يسأل العبد من الله إلا ما يجوز وقوع ضده منه، كما أمرهم أن يسألوه المغفرة والرحمة والرزق لأنه يجوز وقوع ضد ذلك منه. ألا ترى أنه لم يأمرهم بأن يسألوا بأن لا يظلمهم لأنه لا يجوز وقوع ضده منه (٤).

فأجاب المخالف القدري عن ذلك وقال: لا حجة له بهذا، لأنه ليس فيما ذكر ما يقتضي نسبة شيء من هذه القبائح إلى الله، فكأنه يستدل بالشيء على عكس ما يدل عليه وهو غير صحيح.

والجواب أن يقال لهذا المخالف: قد قدمنا أن كون تسمية المعاصي معاصي وقبائح وخبائث من العباد لكونهم مكتسبين لها لا يجب تسميتها بهذه الأسماء في حق الله لكونه خالقاً لها، ألا ترى أنه تعالى قال: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (٥).

والخبائث هاهنا كلُّ ما حرم أكله كالميتة والدم والكلب والخنزير، وهذه الأشياء خلقها الله، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الكلب خبيثاً، وسمى ثمنه خبيثاً (٦).


(١) آل عمران آية (٨).
(٢) الحشر آية (١٠).
(٣) الفاتحة آية (٥).
(٤) قد ذكر اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة فصلا في سياق ما روي من الأدعية المأثورة في إثبات القدر. انظر: ٤/ ٦٤٧ - ٦٥٤.
(٥) الأعراف آية (١٥٧).
(٦) تقدم الكلام عن هذين الحديثين ص ٢٢١ كما تقدم الرد على المخالف في قوله السابق. انظر: ص ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>