للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستغن عن الله في كل حال من أحواله، فاستطاعة الطاعة تسمى عوناً من الله وتوفيقاً وتسديداً، واستطاعة المعصية تسمى خذلاناً وإضلالاً والقدرة والقوة والاستطاعة تعم ذلك كله وهي معنى لا يعلم ما ذاتها، بل ينتفي بوجودها أضدادها، فالقدرة ينتفي بوجودها العجز (١)، كما ينتفي الجهل بوجود العلم، والموت بوجود الحياة، والحركة بوجود السكون، والسكون بوجود الحركة، وعند (٢) المعتزلة والقدرية أن الاستطاعة في العباد يوصفون بالقدرة عليها قبل الفعل وتبقى زمانين، وأما في حال الفعل فتتولد من الاستطاعة المتقدمة ولا يوصفون بالقدرة على الفعل حال الفعل، فهم بالجبر الذي عابوه على خصمهم وأضافوه إليهم (٣) أولى (٤)، وهم مستغنون عن خالقهم حال الفعل، قال هشام بن الحكم شيخ المعتزلة والقدرية (٥). الاستطاعة صفة للمستطيع ليست غيره ولا هي منه (٦)


(١) يعني بذلك القدرة في حال الفعل أما القدرة قبل الفعل فإن الإنسان يوصف بها وإن لم يقم بالفعل كما أن لها معنى يعلم ويعرف وهي الصحة وسلامة الجوارح،
(٢) في - ح - (وغير) وهو خطأ.
(٣) في - ح - (إليه).
(٤) انظر: ما تقدم ص ٢١٤.
(٥) ليس في شيوخ المعتزلة من اسمه هشام بن الحكم، وإنما هو من الراوافض ومن القائلين بالتشبيه حيث حكى عنه الأشعري وغيره أن معبوده جسم ذو حد ونهاية وأنه طويل عريض عميق وأنه كاللؤلؤ المستديرة وأنه ذو لون وطعم إلى آخر ضلالاته. انظر: مقالات الإسلاميين ١/ ١٠٦، الفرق بين الفرق ص ٦٥. ولعل مراد المصنف هنا هشام بن عمر الفوطي أحد شيوخ المعتزلة وقد عده صاحب طبقات المعتزلة في آخر الطبقة السادسة وقال عنه: "هو شيباني من أهل البصرة كان عظيم القدر عند الخاصة والعامة". انتهى وتنسب إليه فرقة الهشامية من المعتزلة، ويؤيد هذا أنه هو الذي ذكر عنه أنه منع من قول "حسبنا الله ونعم الوكيل". انظر: فرق وطبقات المعتزلة ص ٦٩، ٢١٤، الفرق بين الفرق ١٥٩.
(٦) هذا القول لم أقف على من ذكره من قول هشام الفوطي، والذي ذكر عنه الأشعري أنه يقول بقول أكثر المعتزلة: إن الإنسان حي مستطيع والحياة والاستطاعة هما غيره، وهذا خلاف المذكور هنا عنه. والله أعلم. انظر: ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>