للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل بتقديم ما تقدم منها وتأخر ما تأخر منها على أن صانعها مريد لما صنع وأن له إرادة. واستدل على أنه حي بأن الأفعال المحكمة المتقنة لا تتأتى من الجماد والموت.

واستحال أن يكون الفاعل الحي العالم القادر المريد موصوفاً بصفات النقص وهي: الصمم والعمى والخرس، ويتعين وصفه بضد ذلك وهو السمع والبصر والكلام، وقد وصف نفسه بذلك في القرآن (١).

ويستدل على البعث من القبور بالآيات التي أرشد الله الخلق إليها بالاستدلال على ذلك فمنها قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (٢).

فنبه الله الخلق على الاستدلال بإعادته الخلق بابتدائه لخلقهم لأنهم قد أقروا بأنه خلقهم ابتداءً والدليل عليه قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (٣) وقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (٤). وقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ} (٥). وقوله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} (٦).


(١) أورد ابن القيم - رحمه الله - في كتابه (مفتاح دار السعادة) الشيء الكثير من عجيب الصنع والحكمة المتقنة في خلق الإنسان والحيوان والهواء والليل والنهار وسائر مخلوقات الله الظاهرة للعيان الدالة على الله عزوجل ووحدانيته وكمال صفاته ونعوت جلاله وأنه الحكيم في صنعه اللطيف في تدبيره جل وعلا. انظر: مفتاح دار السعادة ١/ ١٨٧/٢٨٢.
(٢) الروم آية (٢٧).
(٣) الزمر آية (٣٨).
(٤) الزخرف آية (٨٧).
(٥) الواقعة آية (٦٢).
(٦) الروم آية (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>