للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٣ - فصل

ومن الأدلة المذكورة لنا في الرسالة قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} (١)، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً} (٢)، وقوله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} (٣)، وقال في آية أخرى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (٤). وهذا يدل على أنه لم يساو (٥) بين المؤمنين والكافرين في ذلك.

فأجاب المخالف القدري عن الآية (٦) فقال: معنى إرسال الشياطين على الكافرين هو تخليته بينهم وبين الكافرين، ولم يحل بينهم كما حال بين الشياطين وبين المؤمنين.

والجواب: أن هذا هو الحجة عليه، لأنه أخبر أنه لم يعصم الكافرين منهم وإنما أرسلهم عليهم ومكنهم من غوايتهم بالوسوسة، كما يقال أرسل السلطان عبيده على الناس، إذا لم يمنعهم من مضرتهم، وليس كذلك المؤمنين فإنه عصمهم منهم وأخبر بذلك بقوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} (٧) ومعنى الاستثناء: فإن لك عليهم سلطانا على (٨) من اتبعك من الغاوين، فنسب الاتباع إليهم لأنه كسبهم،


(١) مريم آية (٨٣).
(٢) الزخرف آية (٣٦).
(٣) فصلت آية (٢٥).
(٤) الحجر آية (٤٢).
(٥) في الأصل (لم يساوي) والصواب حذف حرف العلة للجزم كما أثبت وفي - ح- عدلت فوقها بخط مختلف بحذف الياء.
(٦) في - ح- (عن هذه الآية الأولى).
(٧) الحجر آية (٤٢).
(٨) في الأصل (إلا من) ولا يستقيم الكلام بها وفي - ح- كما أثبت وهو أصح للعبارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>