للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٤ - فصل

ومن الأدلة المذكورة لنا في الرسالة قول الله تعالى: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ (١) عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} (٢) ومثلها قوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} (٣)، ومثلها قوله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (٤)، ومثلها قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ} (٥)، ومثلها قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} (٦).

فأجاب المخالف القدري عن هذا وقال: لا حجة بهذا لأنه خبر عن قوم مخصوصين من الفساق والكفار علم أنهم (٧) لا يؤمنون، فأعلم نبيه صلى الله عليه وسلم بهم وليس ذلك يكون في كل فاسق (٨) وكافر (٩)، لأن كثيرا منهم آمنوا وتابوا وكذلك قوله تعالى: {لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ} صحيح ولكن لا يدخل النار أحد إلا بعلمله، وهذا يدل على بطلان مذهب المستدل أن أفعال العباد مخلوقة لله إذ لو كانت مخلوقة لله لم يذمهم عليها ولا عاقبهم عليها.

والجواب أن يقال لهذا المخالف: لا ننكر أن هذا خبر من الله عن قوم مخصوصين أنهم لا يؤمنون وأنه لم يرد به جميع المكلفين، وإنما الحجة لنا من هذه الآيات أن من لم يؤمن منهم إنما لم يؤمن بقضاء من الله سابق فيه


(١) في - ح- (وكذلك حقت كلمة ربك) فزيادة الواو خطأ. أما قوله في الأصل (كلمات) على الجمع فهي قراءة نافع وابن عامر، وقرأ الباقون بالأفراد (كلمة). انظر: تفسير القرطبي ٨/ ٣٤٠.
(٢) يونس آية (٣٣).
(٣) يس آية (٧).
(٤) السجدة آية (١٣).
(٥) يونس آية (٩٦ - ٩٧).
(٦) الزمر آية (١٩).
(٧) (علم أنهم) ليست في - ح-.
(٨) في - ح- (وليس ذلك في كله فاسق).
(٩) في الأصل (ولا كافر) وما أثبت من - ح- وهو أفصح للعبارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>