للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٣ - فصل

ذكر القدري المخالف كلاماً كثيراً نكتته، هل خَلْقُ الله المعاصي هل (١) هو نفس المعصية أم غيرها؟ وهل كسب العبد فيها هي المعصية أم غيرها؟ وهل كسب العبد في المعصية هو خلق الله لها أم غيرها؟ فإن قلتم إن كسب العبد هو خلق الله فهو قول المجبرة، وكذلك إذا قلتم إن الخلق أو الكسب هو نفس المعصية رجعتم إلى شيء واحد، وإن قلتم إن الكسب غير الخلق رجعتم إلى قولنا.

والجواب: أن المعصية هي فعل العبد المنهي عنه، وخلق الله الذي هو إنشاؤه وإبداعه لها هو غيرها، كما أن نهيه عنها هو غيرها وعلمه لها هو غيرها، وعلى أن اسم الخلق يقع أيضاً على المخلوقات قال الله: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} (٢) أي مخلوق الله، فالخلق مشترك بين الإنشاء والشيء المخلوق.

وأما قوله: هل كسب العبد لها هو نفسها أم غيرها.

فإنا نقول له: خلق العبد للمعصية على قولكم هل هو نفس المعصية أو غيرها؟ فكل جواب لهم عن هذا وهي خلق للعبد عندهم هو جوابنا لهم عن ذلك وهي كسب للعبد عندنا (٣).

وأما قوله: هل خلق الله لها هو كسب العبد لها أو غيره؟ فإنا نقول: الله


(١) هكذا في الأصل وهو كذلك في نسخة - ح - وهي زائدة لا معنى لها لأن السؤال عن خلق الله للمعاصي هل هو هو نفس المعصية أم غيرها، وانظر الجواب.
(٢) لقمان آية (١١).
(٣) زعمت المعتزلة أن خلق العبد لفعله هو: إيجاد الفعل بحواسهم وجوارحهم، فإذا كان هذا الفعل واقعاً وفق أمر الله وشرعه فهو طاعة وإذا كان مخالفاً له فهو معصية وهذا قول أهل السنة في أن الكسب هو ما يفعله العبد بجوارحه فإن وافق الأمر فهو طاعة وإن كان مخالفاً للأمر فهو معصية، فعلى هذا كسب العبد الفعل هو نفس الطاعة إذا كان موافقاً للأمر وهو نفس المعصية إذا كان مخالفاً للأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>