للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٦ - فصل

ومن الأدلة المذكورة لنا في الرسالة ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس" (١).

فيقال للقدرية: إذا قلتم إن الله لم يخلق الشر ولا أراد كونه فقد خلق إبليس وهو رأس الشر (٢).

فأجاب المخالف القدري: لا حجة بهذا، لأن جسم إبليس ليس بشر بل خلق الله له إنعام منع عليه ويستحق عليه الشكر والعبادة وهو من جملة الجن (٣)، وخلقه الله للعبادة وإنما الشر من فعل إبليس والله لم يخلق فعله ولا كفره، وإنما إبليس هو الخالق لفعل نفسه ووسوته في صدور الخلق، هذا نكتة قوله ومعتمده.

والجواب أن يقال له: القرآن يشهد على بطلان قولك: قال الله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ


(١) أخرجه اللالكائي في السنة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر، فذكره السنة للالكائي ٤/ ٦١٩، وإسناده ضعيف فيه شعيب بن بكار. ذكره الذهبي في الميزان وقال: "قال الأزدي ضعيف". الميزان ٢/ ٢٧٥ وفيه إسماعيل بن عبد السلام الراوي عن عمرو بن شعيب، لم أجد له ترجمة.
وروى ابن الجوزي في الموضوعات نحو هذا الحديث من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - في قصة طويلة وقال ابن الجوزي: "هذا حديث موضوع بلا شك والمتهم به يحيى بن أبي زكريا قال يحيى بن معين: هو دجال هذه الأمة قال ابن عدي: كان يضع الحديث ويسرق". الموضوعات ١/ ٢٤٧.
وروي هذا القول من كلام عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - أخرجه عنه الآجري في الشريعة ص ١٥٨، واللالكائي في السنة ٣/ ٥٦٦، وسيورده المصنف فيما يأتي.
(٢) هذا الكلام من المصنف - رحمه الله - دليل وإلزام تام صحيح فلا حاجة لهذه الرواية المذكورة وقد ورد هذا المعنى عن السلف فقد روى الطبراني بسنده في تفسيره عند قوله عزوجل: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} عن ابن عباس وابن مسعود، وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} يعني من شأن إبليس وعن مجاهد: "علم من إبليس المعصية وخلقه لها". تفسير الطبري ١/ ٢١٢.
(٣) في - ح- (الخلق).

<<  <  ج: ص:  >  >>