للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧ - فصل

ومن الأدلة المذكورة في الرسالة لنا قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} (١)، وقد كانوا يعبدون الجن والملائكة، فأخبر سبحانه أنهم لا يخلقون شيئاً.

فأجاب هذا القدري المخالف عن هذا وقال: لم يرد بذلك إلا الأصنام لأنه قال: {لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} وهذا صفة الأصنام لا صفة الملائكة والجن، على أن ذلك لو كان عاماً في كل معبود لكان المراد أنهم لا يخلقون شيئاً من أجسادكم ولا (٢) من أغذيتكم ولا (٣) أموالكم ولا من ضروب النعم التي أنعم الله بها عليكم.

والجواب: أن هذا يدل على إفلاس هذا المعترض من العربية وعلى جهله بها كما رمى خصمه.

ونقول: بل المراد بذلك جميع ما يعبدونه من الملائكة والجن والأصنام، لأن العرب إذا جمعت بين ما يعقل، وما لا يعقل غلبت حكم ما يعقل، وعلامة الجمع لما يعقل في هذه الآية في أربعة أحرف.

أحدها: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ} (٤)، وذلك لما يعقل؛ لأنه لو كانأراد الأصنام وحدها لقال والتي تعبدون أو ما يعبدون.

والثاني: أنه قال: {لا يَخْلُقُونَ} في هذا ضمير ما يعقل، ولو أراد ما لا يعقل قال: "لا يخلق".


(١) النحل آية (٢٠).
(٢) في - ح - (ولا من أموالكم).
(٣) (لا) ساقطة من الأصل وهي مثبتة في - ح -.
(٤) في - ح - قال: "والذين – من" وجعل (من) في الحاشية وليست في الأصل مع أن إيرادها هنا خطأ لأنها ليست موصولة هنا حتى تعتبر دالة على ما يعقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>