للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢ - فصل

وقد أورد هذا المخالف بكتابه الدامغ له كلاماً موه به في الاستدلال على من لا بصر له بأن القدرية هم أصحاب الحديث الذين يقولون أفعال العباد خلق لله، منها أنه قال: روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "القدرية مجوس هذه الأمة" (١) قال وهم هؤلاء الحشوية (٢).

واستدل عليه بأن رجلاً جاء من أرض فارس فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم-: أخبرنا بأعجب شيء رأيته، فقال: رأيت قوماً ينكحون أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم ويقولون هذا قضاء الله علينا، فقال عليه السلام: أما إنه سيكون في آخر هذه الأمة قوم يقولون بمثل مقالتهم أولئك مجوس أمتي" (٣).

والجواب: أن هذا الخبر لم يذكره أحد من علماء الحديث ولا ذكر في شيء من الصحاح، وإنما وضعته الزيدية على وفق مذهبهم وإلا فليسندوه ولا تقوم المذاهب بالاختراص، ونعارضه بالأخبار المذكورة في الصحاح (٤) التي قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم- من القدرية؟ قال: "الذين يقولون الخير من الله والشر من إبليس ومن أنفسهم" (٥)، وهذا الخبر مما تلقته الأمة وعلماء الأمصار


(١) تقدم تخريجه ص ١٩٠.
(٢) تقدم ذكر هذه الكلمة وشرح شيخ الإسلام لها وبيانه من هو أحق بها، وكذلك قول أبي حاتم الرازي "وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الأثر". انظر: ص ١٨٠.
(٣) لم أقف على من خرجه ولا من ذكره.
(٤) هذا اللفظ فيه تجوّزٌ كما ذكرنا فإن الصحاح هما صحيح البخاري ومسلم ونحوهما وتقدم بيان ذلك ص ١٨٩.
(٥) تقدم تخريج هذا التفسير فقد ورد في أثرين أحدهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً وهو حديث موضوع. انظر: ١٩٦ وورد من حديث رافع بن خديج ووصفه الذهبي بأنه موضوع. انظر: ما تقدم ص ١٩٨

<<  <  ج: ص:  >  >>