للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقبول (١) ولم يرده إلا من لا يعتد بخلافه.

قال هذا المخالف: ولأن عند هذا القائل وأهل مذهبه أن العبد يثاب ويعاقب ويذم ويمدح بما لم يفعل، لأن الطاعات والمعاصي خلق غيرهم وهذا نفس قول المجوس، وحكي أنهم يأخذون عنزاً ويدفعونها من شاهق ويضربون رأسها فإذا ماتت أكلوا لحمها وقالوا: عصت الله، هذا عمدة قوله.

والجواب: أن هذا جهل منه بمذهب أهل السنة على ما مضى من رميه لهم بمذهب المجبرة الذي قولهم أشبه بقولهم (٢)، ولسنا نقول: إن أفعال العباد من الله دون العباد ولا من العباد دون الله ولا من الله ومن العباد على حد واحد، لأنها لو كانت من الله دون العباد لعذبهم على غير ذنب ولم يصف نفسه بذلك، ولو كانت من العباد دون الله لشاركوا الله في الخلق، وقد قال تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} (٣) ولو كانت من الله ومن العباد على حد واحد لأشتبهت صفات الخالق بالمخلوق، وقد قال الله تعالى: {خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} (٤). وإذا بطلت هذه الأقسام ثبت أنها من الله خلقاً وتقديراً، ومن العباد عملاً واكتساباً.


(١) لعل المقصود بذلك معناه، أما الخبر فهو باطل أما المعنى فإن السلف وصفوا القدرية بأنهمن مجوس هذه الأمة وأنهم الذيين يقولون: إن العباد يخلقون أفعالهم أو إن الله لا يخلق المعاصي وقد عنون اللالكائي - رحمه الله - فصلاً بذلك في كتابه فقال: "سياق ما روي في أن القدري الذي يزعم أن الله لم يخلق أفعال العباد ولم يقدرها عليهم ويكذب بخلق الله لها وينسب الأفعال إلى نفسه دونه" وروي في ذلك عن يحيى بن أبي كثير ومالك والشافعي ونحوه عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما. انظر: شرح اعتقاد أهل السنة ٤/ ٦٩٤ - ٧٠٤.
(٢) تقدم بيان هذا ص ١٩١.
(٣) فاطر آية (٣).
(٤) الرعد آية (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>