للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٩ - فصل

ذكرت في الرسالة أن الصحابة بأجمعهم والتابعين وعلماء الأمصار كانوا يقولون إن أفعال العباد في الطاعة والمعصية خلق الله، وإن الله أراد من الخلق ما فعلوه من طاعة ومعصية.

فأجاب المخالف القدري عن هذا بكلام مشوب بسفه لا يليق ذكره إلا منه ومن أسلافه. ومعتمده قوله أنه نفى أن يكون هذا قولاً للصحابة –رضي الله عنهم-، وادعى أنهم قائلون بقول القدرية، واحتج بأخبار أضافها إليهم لا أصل لأكثرها ولا ذكرها أحد من العلماء الذين أرصدوا أنفسهم لجمع أقوال العلماء في الأصول والفروع، واختار تأويلها على وفق مذهبه وكل ذلك ليري عامة أهل السنة أن له تعلقاً بالأخبار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم منقولة مروية في أصول صحت روايتها عن الثقات، والكذب عليهم لا تقوم به حجة مع أن كل أحد (١) لا يجهل مذهب هذا المخالف وأسلافه من القدرية في الطعن على الصحابة فكيف يحتج بأخبارهم.

وأنا أبين من أقاويل الصحابة والتابعين في ذلك ما تقر به ئاعين من يحبهم، ويرى القدوة بهم ديناً لازماً، ويبطل به قول القدرية ومن يبغضهم.

ذكر اللالكائي في مسنده (٢) عن طاوس أنه قال: "أدركت ثلاثمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون كل شيء بقدر" (٣).

وعن أيوب السختياني (٤) أنه قال: "أدركت الناس وما كلامهم إلا وإن قضى وإن قدر" (٥).


(١) في - ج- (واحد).
(٢) تقدم التعليق عليها ص ٤٩٠.
(٣) اللالكائي في السنة ٤/ ٦٦١، وأخرجه م. كتاب القدر (ب. كل شيء بقدر) ٤/ ٢٠٤٥ إلا أنه قال: "أدركت ناساً".
(٤) هو الإمام الحافظ أبو بكر أيوب بن أبي تميمة بن كيسان العنزي مولاهم البصري، ويقال مولى جهينة رأى أنس بن مالك - رضي الله عنه -. توفي سنة (١٣١ هـ) بالبصرة. انظر: سير أعلام النبلاء ٦/ ١٥، تهذيب التهذيب ١/ ٣٩٧.
(٥) اللالكائي في السنة ٤/ ٧٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>