للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن قال: أما قولك إنه جعلهم على بنية يصح معها قبول التكليف لا يصح إطلاق هذا لأن من لا عقل له لا يدخل فيه.

والجواب أن يقال: قد قلت: وجعلهم على بنية يصح معها قبول التكليف والمراد بها بنية البلوغ والعقل فلا اعتراض على هذا.

ثم قال بعد هذا: التكليف لا يتصور على قول من يقول: إن الله خلق جميع أفعال العباد، فإن التكليف لا يكون على أصلهم معنى معقول لأنها تجري مجرى ألوانهم.

فالجواب أن يقال له: جمعت بين ألوانهم وأفعالهم في استحالة تكليفهم بغير علة جامعة بينهما إلا بكونهما مخلوقين له، وهذا غير صحيح، لأن ألوانهم لا تدخل تحت تقديرهم ولا توصف بأنها كسب لهم فلذلك لا يتصور التكليف فيها وأفعالهم أقدرهم الله عليها وتوصف بأنها كسب لهم فلذلك صح التكليف فيها.

وقول المخالف: إن قولنا أن الكسب عبارة فارغة لا معنى تحتها. غير صحيح بل المعنى فيها واضح لمن جعل الله له حظاً من الهداية، وهو خلق اله فيهم إيثار الإيمان على الكفر والطاعة على المعصية ووقوع ذلك منهم باختيارهم بقدرة

محدثة فيهم من الله سبحانه وتعالى (١).

ويقال له أيضاً: استحالة التكليف إنما يتصور على أصول القدرية الفاسدة وذلك أنهم قالوا: معرفة الله وطاعته وجبت بالعقل لا بالشرع (٢) والمحسن والمقبح هو العقل دون الشرع (٣) فهم مستغنون بما في عقولهم


(١) تقدم تفصيل ذلك. انظر: ص ٢٢٥.
(٢) تقدم بيان ذلك. انظر ص ١١٧.
(٣) تقدم ذكر هذا والتعليق عليه. انظر: ص ٢٠٨ - ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>