للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٢ - فصل

احتج المخالف على أن العباد يخلقون أفعالهم أن الله سبحانه نسب أفعالهم إليهم في آي كثير من القرآن بقوله تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} (١) وبقوله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} (٢) وقوله تعالى: {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} (٣) وما في هذا القبيل (٤) من القرآن كثير فصح أن ذلك خلق لهم.

الجواب: أن وصف الله سبحانه باختراع (٥) أفعال العباد وإنشائها لا يخرج أفعالهم عن كونها مقدورة لهم على سبيل الاكتساب، فالله خالق القدرة ومقدورها والعبد موصوف (٦) بالحركة في فعله، فلذلك نسب الفعل إليهم في كل ما كان من القرآن من ذلك، والله موصوف بخلق الحركة في العبد وقد نسب الفعل إلى ما خلق فيه الفعل من الجمادات التي لا كسب لها فيه لكونها (٧) محلاً لخلق الله المفعول (٨) فيها فالعباد بذلك أولى (٩)، والدليل على ما ذكرته قوله تعالى: {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيه} (١٠) وقوله تعالى:


(١) القمر آية (٥٢).
(٢) البقرة آية (١٩٧).
(٣) الانفطار آية (١٢) وهي في - ح - هكذا {يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} وهي من سورة الشعراء آية (٢٢٦) ولعلها تحريف من الناسخ، ولأن دلالة الآية الأولى على المعنى المراد أظهر، والله أعلم.
(٤) في - ح - (التفصيل)، وهو تحريف.
(٥) في - ح - (بالاختراع).
(٦) في - ح - (ومقدرها في العبد والعبد موصوف) وما في الأصل وهو الصواب وما في - ح- زيادة وتحريف، لأن مراد المصنف بيان أن الله خالق القدرة الموجودة في العبد وكذلك خالق مقدورها وهي الأمور الداخلة في مقدور العبد وفعله وهو أثر القدرة، أما قوله: (ومقدرها في العبد) فلا معنى له إلا أنه خالق القدرة وقدرها في العبد، وهذا لا يناسب المعنى المقصود من خلق الأفعال.
(٧) في - ح - (كونها)
(٨) في - ح - (الفعل).
(٩) لأن العباد لهم إرادة واختيار فنسبت الأفعال إليهم من باب أولى، ولا يدل ذلك على عدم خلق الله كما أنه لم يدل على عدمه في نسبة الفعل إلى الجمادات حيث قد دلت الأدلة على ذلك.
(١٠) النحل آية (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>