للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيسى عليه السلام (١) قدر وصور من الطين كهيئة الخفاش الذي هو لحم يطير بغير ريش، ونفخ فيه الروح فكان طيراً بإذن الله كما أخبر سبحانه (٢)، والله سبحانه خالق المُقَدِّر وتقدير المُقَدِّر وإنما أضاف التقدير إليهم لأنه كسب لهم، وأما خلق الذي هو الإنشاء والإبداع فلا يوصف به غير الله، بل نفى الله ذلك عن غيره وأثبته لنفسه بقوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} (٣) وأكذب من ادعى (٤) أنه يخلق كخلقه فقال سبحانه: {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٥)، فمن قال: إن العباد يوصفون بإنشاء الخلق في أفعالهم وإبداعه، فقد أكذب الله في خبره، ولو كان كذلك لكان يطلق على الإنسان اسم الخالق كما يطلق ذلك على الله سبحانه كاشتراكهما في اسم الموجود والشيء، وفي اختصاص ذلك سبحانه بالله سبحانه دليل على أنه لا يوصف غيره بالإنشاء والإبداع.


(١) في - ح - (صلى الله عليه وسلم).
(٢) انظر: تفسير ابن جرير ٣/ ٢٧٥، الدر المنثور ٣/ ٣١٤ - ٢١٥.
(٣) فاطر آية (٣).
(٤) في - ح - (يدعي).
(٥) الرعد آية (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>