للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٠ - فصل

ومن الأدلة المذكورة لنا في الرسالة قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} (١) فأمر الله نبيه بالاستعاذة من الشر فدل على أنه مخلوق.

فأجاب المخالف القدري: بأنه لا حجة بهذا لأنه لم يضف الشر إلى خلقه، وإنما أضافه إلى مخلوق ونحن نقول: إن هذه (٢) الشرور صادرة من المخلوقات.

والجواب: أن الحجة لنا من الآية من وجهين:

أحدها: أن ما لما لا يعقل، وما لا يعقل لا يتأتى منه الفعل بالشر ولا بالخير، فإذا أضيف الشر إليه وأخبر لله دل على أن الله خلقه، وما ينسب إليه من الشر يؤيده قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} (٣).

وروي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي وأشار إلى القمر، وقال: "تعوذي بالله من شر هذا فإن هذا هو الغاسق إذا وقب" (٤)، تأويله أن شر القمر المتعوذ منه ما لحق قوماً من الكفر من أجله، فنسب الشر إليه اتساعاً وتجوزاً في الكلام.

والوجه الثاني: أنه لما فسر نبيه صلى الله عليه وسلم ن يتعوذ به من شر ما خلق دل على أنه الخالق لما يتعوذ به عنه كما قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (٥) والله الخالق المتعوذ منه، فكذلك هذا مثله.


(١) الفلق آية (١ - ٢).
(٢) في الأصل (هذا) والتصويب من - ح-.
(٣) الفلق آية (٣).
(٤) أخرجه ت. كتاب التفسير (ب. من سورة المعوذتين) ٥/ ٤٥٢، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه حم. ٦/ ٦١، ٢٠٦، ٢٣٧، والحاكم في المستدرك كتاب التفسير ٢/ ٥٤١، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
(٥) النحل آية (٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>