للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت المرجئة: "لا يوصف الله بأنه يعذب عباده على ذنب غير الكفر" (١).


(١) المرجئة: يطلق هذا الوصف على كل من أخر العمل عن الإيمان، وهو مشتق من الإرجاء وهو على معنيين: (١) - الإرجاء بمعنى التأخير. ٢ - الإرجاء بمعنى إعطاء الرجاء ويصدق الوصف عليهم بكلا المعنيين، لأنهم يؤخرون العمل عن الإيمان ولأنهم يعطون الرجاء للفاسق، وعلى هذا الأخير يتفقون مع السلف فإن الفاسق تحت المشيئة.
والمرجئة أصناف عدهم أبو الحسن الأشعري على التفصيل اثنتي عشرة فرقة وهم: (١) الجهمية (٢) أبو الحسن الصالحي (٣) أصحاب يونس السمري (٤) قول يونس وأبي شمر (٥) أصحاب أبي ثوبان (٦) النجارية وهم الحسين بن محمد النجار وأصحابه (٧) أصحاب غيلان (٨) أصحاب محمد بن شبيب (٩) أبو حنيفة وأصحابه (١٠) أصحاب أبي معاذ التومني (١١) أصحاب بشر المريسي (١٢) الكرامية أصحاب محمد بن كرام وهذه الإثنا عشر فرقة ترجع إلى ثلاثة أصناف كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهي:
أولا: الذين يقولون الإيمان مجرد ما في القلب، ومنهم من يدخل أعمال القلوب وهم أكثر فرق المرجئة، حيث هو قول أصحاب أبي شمر ويونس السمري والغيلانية أصحاب غيلان بن مروان الدمشقي، وأصحاب محمد بن شبيب، ومنهم من لا يدخل أعمال القلوب كجهم ومن اتبعه والصالحي وهو الذي نصره الأشعري وأكثر أصحابه.
ثانيا: تصديق القلب وقول اللسان، وهذا قول هو المشهور عن أهل الفقه كأبي حنيفة وأصحابه في هذا النجارية وبشر المريسي.
وقد قسمت المرجئة إلى تقسيم غير المذكور هنا وذلك باعتبار مذاهب الفرق قي غير الإيمان، كتقسيم الشهرستاني إياهم إلى مرجئة الخوارج، مرجئة القدرية، مرجئة الجبرية، المرجئة الخالصة، وهي ترجع في الواقع إلى ما تقدم ذكره عن شيخ الإسلام. أما الحكم على الفاسق في الآخرة فأكثرهم على أنه تحت المشيئة إلا قولا ذكره الأشعري ولم يذكر قائليه وهو: إنه ليس في أهل الصلاة وعيد إنما الوعيد في المشركين، ثم قال: وزعم هؤلاء أنه لا ينفع مع الشرك عمل كذلك لا يضر مع الإيمان عمل ولا يدخل النار أحد من أهل القبلة، ونسب هذا القول الشهرستاني لأصحاب يونس السمري، حيث زعموا أن سوى المعرفة من الطاعة فليس من الإيمان، ولا يضر تركها حقيقة الإيمان ولا يعذب على ذلك إذا كان الإيمان خالصا واليقين صادقا ونحوه حكى ذلك أيضا عن العبيدية أصحاب عبيد المكبت أنهم قالوا: ما دون الشرك مغفور لا محالة وأن العبد إذا مات على توحيده لم يضره ما افترق من الآثام واجترح من السيئات، ولعل هؤلاء الذين عناهم المصنف بقوله هنا: "لا يوصف الله بأنه يعذب عباده على ذنب غير الكفر" والله أعلم انظر: مقالات الإسلاميين ١/ ٢١٣ - ٢٢٣ - ٢٢٧ الملل والنحل بهامش الفصل ١/ ١٨٦ - ١٩٥ الفرق بين الفرق ص (٢٠٢ - ٢٠٧) الفتاوى ٧/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>