للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأوزاعي (١): "أول من تكلم بالقدر في البصرة رجل من أهل العراق يقال له سوسن كان نصرانياً فأسلم، ثم تنصر فأخذ عنه معبد الجهني وأخذ غيلان عن معبد" (٢).

ومما موه به هذا المخالف القدري على العامة احتجاجه بحديث رواه عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قال وقد سئل عن الكلالة؟ فقال: "أقول فيها برأيي فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان من ذلك" (٣).

والجواب أنه لا حجة لهذا القدري بهذا الخبر بأن أبا بكر - رضي الله عنه - يقول إنه يخلق أفعاله، وإنما أراد إن كان صواباً فمن الله أي فهو من دين الله، وما وفقني لإصابته وإن كان خطأ فليس من دين الله وإنما هو من كسبي ومن خطئي وأضاف ذلك إلى الشيطان على سبيل التنزيه لله (٤)، وإن كان الله خلقه، كما قال إبراهيم عليه السلام: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} (٥)، فأضاف جميع هذه الأشياء إلى الله إلا المرض فإنه أضافه إلى نفسه وإن (٦) كان الله خالقاً للجميع فيه، وعلى أنه إن كان إضافة أبي بكر - رضي الله عنه - للخطأ إليه وإلى إبليس يدل على أنه الفاعل (٧)،


(١) هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي أبو عمرو الفقيه ثقة جليل توفي سنة (١٥٧ هـ). التقريب ص ٢٠٧.
(٢) أخرجه اللالكائي في السنة ٤/ ٧٥٠، والآجري في الشريعة ص ٢٤٢.
(٣) أخرجه الطبري عه في تفسيره ٤/ ٢٨٤.
(٤) وأيضاً أضافه إلى الشيطان لأنه هو الذي يدعو إلى الضلالة والانحراف عن الصواب بالوسوسة ونحوها.
(٥) الشعراء آية (٧٨ - ٨٠).
(٦) (وإن) ليست في الأصل وهي في - ح-.
(٧) في - ح- (فدل أنه الفاعل).

<<  <  ج: ص:  >  >>