للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٤ - فصل

شبهة للقدرية في قوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (١) ولهم في الآية تعلقان:

أحدهما: أنه نسب المشيئة إليهم في الإيمان والكفر.

والثاني: أنه خيرهم بين الإيمان والكفر (٢).

ولنا على هذا جوابان:

أحدهما: روي عن ابن عباس أنه قال: "من شاء الله فليؤمن ومن شاء الله فليكفر" (٣).

والجواب الثاني: أن نسبة المشيئة إليهم لا يدل على أنها خلق لهم بل الله خالق لهم ولمشيئتهم، ومشيئتهم متعلقة بمشيئته (٤)، لقوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (٥).

وأما قولهم إن الله خيرهم بين الإيمان والكفر فهذا جهل منهم بصيغة الأمر وحكمته. فيقال لهم: لو كان هذا تخييراً من الله لهم لم يعذبهم على الكفر ولم يذموا عليه كما لا يعذبون ولا يذمون على التكفير بالإطعام أو الكسوة أو العتق لما خيرهم الله بذلك (٦).


(١) الكهف ىية (٢٩).
(٢) انظر كلام القاضي عبد الجبار المعتزلي عن هذه الآية في: شرح الأصول الخمسة ص ٣٦٢.
(٣) أخرجه ابن جرير ١٥/ ٢٣٧، واللالكائي في السنة ٣/ ٥٥١.
(٤) في - ح- (بمشيئة الله).
(٥) الإنسان آية (٣٠)، التكوير آية (٢٩).
(٦) عني بذلك التخيير في كفارة اليمين وذلك في قوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} المائدة آية (٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>