للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١١ - فصل: في ذكر فضائح القدرية

وذلك أنهم ردوا السنة كلها وأبطلوا وتأولوها على آرائهم الفاسدة فهم كمن رد على النبي صلى الله عليه وسلم قوله في حياته، ولما م يمكنهم رد القرآن قالوا إنه مخلوق لهم إذا قرؤوه ويقدرون على مثله لو جمعوا هممهم، ومن كان هذا قوله فهو كافر (١) لا تقبل فيه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم.

وروي أن بعض أئمة الحديث قدم ليصلي على بعض دعاة القدرية، فقام عنده ولم يكبر، وقال بأعلى صوته: اللهم إن هذا ما كان يؤمن بعذاب القبر فلا تنجه منه، اللهم إن هذا ما كان يوؤمن بمنكر ونكير فلا تلقنه حجته عند مسألتهما إياه، اللهم إن هذا ما كان يؤمن بأن الجنة والنار قد خلقا فلا تفتح له باباً من الجنة إلى قبره وافتح له باباً إلى النار وقد سمعك تقول: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} (٢) اللهم والباب لذي يفتح له إلى النار فلا تغلقه عنه إلى المحشر، اللهم إن هذا ما كان يؤمن بالنظر إلى وجهك الكريم فلا تره وجهك، اللهم إن هذا ما كان يؤمن بالحوض الذي وعدته نبيك فلا تسقه منه يوم العطش الأكبر، اللهم إن هذا ما كان يؤمن بأن الحسنات والسيئات توزن بميزان له كفتان وقد سمعك تقول: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقّ} (٣) اللهم فلا تثقل ميزانه ولا تترك في صحيفة عهمله حسنة يرجح بها الميزان، اللهم إن هذا ما كان يؤمن بالعقاب الذي مع المساءلة فلا تنجه منها، اللهم إن هذا ما كان يؤمن بالصراط الذي يعبر عليه الخلق إلى الجنة من المحشر فلا يجاوزه عليه، اللهم إن هذا ما كان يزعم أنه كان مستغيثاً عنك في دار الدنيا فيما كان من مقدرواته على زعمه غير مفتقر إليك في شيء من


(١) تقدم كلام المصنف على قول المعتزلة في القرآن، ونقله عن كثير من السلف تكقير القائلين بخلق القرآن. انظر: الفصل ٩٥.
(٢) الأعراف آية (١٩).
(٣) الأعراف آية (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>