للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، فكن له في الآخرة كما كان يعتقد في دار الدنيا فيك فكله إلى حوله وقوته، اللهم إن هذا يزعم أنك ساويت بين حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم وبين أبي جهل وسائر الكفار فيما أنعمت عليه من العون على الإيمان، وزعم أنك ساويت بين حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم وبين أبي جهل عدوك، فساو يا رب بينه وبين الشيطان في النار كما كان مساويا له في دار الدنيا على زعمه فإنه قد أعظم الفرية عليك، اللهم إن هذا كان يزعم أنه خالق لعمله وما كان يفعله في دار الدنيا فلا تخلق فيه ما يميز به بين الخير والشر، واختم على سمعه وبصره وقلبه فإنه زعم أنما يدرك بسمعه وبصره الذي ركبت فيه كان خلقاله فأحجبه أن يدرك شيئا من المدركات أو المسموعات والمبصرات، فإنه زعم أن كل ذلك كان من مقدوره ولا يقدر معبوده على شيء من أفعاله لا الخير ولا الشر، وقد سمعك أمرت عبادك أن يسألوك استعانتك (١) على طاعتك وهو قولك: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (٢) فكان يزعم أنه مستغن عنك غير محتاج إليك في حال ما كان يفعل أفعاله من الإيمان والطاعات وغير ذلك، وكله يا رب إلى حوله وقوته كما كان يزعم ولا تعنه في عرصات القيامة، اللهم إن هذا كان يزعم أنه لا علم لك بعد أن (٣) سمعك تقول: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ} (٤) قوله: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} (٥) فلا تحطه بشيء من علمك في الآخرة، واجعله اضل سبيلا من الأنعام في الآخرة، اللهم إن هذا كان ينفي يديك وقد سمعك تقول: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (٦) اللهم فاجعل يديه مغولولتين إلى عنقه، اللهم إن هذا كان يزعم أن معبوده لا وجه له وقد سمعك تقول: {إِلاّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ} (٧) و {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} (٨)، فحول وجهه إلى قفاه مسوداً منكلاً به، اللهم إن هذا كان يزعم أن له مشيئة دون مشيئتك فيما كان يشاء من أفعاله أو بعضها وقد سمعك تقول: {وَمَا تَشَاءُونَ


(١) هكذا في النسختين وصوابها (إعانتك) لأن الاستعانة هي السؤال.
(٢) الفاتحة آية (٥).
(٣) (أن) ليست في الأصل وهي في - ح -.
(٤) فاطر آية (١١).
(٥) النساء آية (١١٦).
(٦) ص آية (٧٥).
(٧) القصص آية (٨٨).
(٨) الانسان آية (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>