للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٨ - فصل

ومن الأدلة المذكورة في الرسالة لنا قول الله تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} (١)، وقوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} (٢) فأثبت الله لنفسه الخلق ونفاه عن (٣) غيره، كما أثبت لنفسه أنه إله ورزاق، فلما استحال أن يكون غيره إلهاً ورزاقاً استحال أن يكون غيره خالقاً.

فأجاب (٤) هذا القدري عن قوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}.

وقال: أراد بهذه البدائع العجيبة من السموات والأرض وما بينهما، ثم النعم التي تقتضي وجوب شكره عليها ولهذا قال: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ}.

والجواب: أن الآية عامة في نفي الخلق عن غيره في جميع الأشياء كما أثبت الخلق لنفسه، والإلهية (٥)، لجميع الأشياء، وأيضاً فإن الكلام من البدائع العجيبة، ولهذا جعل الله كلام عيسى في المهد من المعجزات، وجعل كلام الذراع المشوية (٦)، وحنين الجذع (٧)، وتسبيح الحصا في كف النبي - صلى الله عليه وسلم- (٨)، معجزة له وأمر الله خلقه بالاستدلال عليه باختلاف


(١) الأعراف آية (٥٤).
(٢) فاطر آية (٣).
(٣) في الأصل (من) وفي - ح - (كما أثبت).
(٤) في الأصل (فأجاب عن هذا) وفي - ح - (كما أثبت).
(٥) قوله: (والإلهية) ساقطة من - ح -.
(٦) سيأتي الحديث في ذلك ص ٧٥٢، ٧٧٩.
(٧) روى الحديث البخاري بسنده عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر تحول إليه فحن الجذع فأتاه فمسح يده عليه"، كما روي أيضاً نحوه عن جابر. انظر: خ. كتاب المناقب ٤/ ١٥٥.
(٨) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٦/ ٦٤ عن الوليد بن سويد السلمى عن أبي ذر ومرة رواه الوليد عن رجل من بني سليم عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: "لا أذكر عثمان إلا بخير بعد شيء رأيته، كنت رجلاً أتبع خلوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فرأيته يوماً جالساً فاغتنمت خلوته فجئت حتى جلست إليه، فجاء أبو بكر فسلم عليه وجلس عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثم جاء عمر فسلم وجلس عن يمين أبي بكر، ثم جاء عثمان فسلم ثم جلس عن عمر، وبين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سبع حصات أو قال تسع حصيات فأخذهن في كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً حنين النحل، ثم وضعهن فخرسن ثم أخذهن فوضعهن في كف أبي بكر فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في يد عمر فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "هذه خلافة النبوة" وبهذا الإسناد أخرجه أيضاً البزار. انظر: كشف الأستار ٣/ ١٣٥، وهذا إسناد ضعيف فإنه من طريق صالح بن أبي الأخضر اليمامي وهو ضعيف كما قال ابن حجر في التقريب ص ١٤٨، والوليد بن سويد مجهول الحال، فقد ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الجرح والتعديل ٩/ ٦٥، وأخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة ٢/ ٥٥٥ أخصر من رواية البيهقي حيث ذكر التسبيح في يد النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان، ولم يذكر وضع الحصى وسكوتهن، وقد أخرجه عن داود بن أبي هند عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير عن أبي ذر رضي الله عنه.
ورجال إسناده ثقات، وأخرجه البزار أيضاً ٣/ ١٣٥ بإسناد لا بأس به عن الزبيدي محمد بن الوليد عن الوليد بن عبد الرحمن به.

<<  <  ج: ص:  >  >>