القول الأول: قول أكثر أهل السنة أن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وقد نفى الله عزوجل أن يظلم الناس شيئاً أو أنه يضع عليهم سيئات لم يعملوها ولا يبخسهم من حسناتهم شيئاً وأدلتهم في ذلك الآيات المتقدمة. القول الثاني: قول المعتزلة القدرية أنهم جعلوا كل ما كان من بني آدم ظلماً وقبيحاً يكون من الله عزوجل ظلماً وقبيحاً فقاسوا أفعال الله بأفعال خلقه - وهذا باطل فإن الله عزوجل الرب الغني القادر والخلق هم الفقراء المقهورون، كما أن هذا القول أدخلهم في أقوال باطلة كثيرة منها: زعمهم أن الله يجب أن يعمل لعباده الأصلح ولو لم يفعل ووقع من العباد كفر وفسق فعذبهم عليه كان ظالماً لهم، ونحو ذلك مما تقدم بعضه من كلام القدري، مما هو في الحقيقة داخل تحت تفضل الله ورحمته وليس داخلاً تحت الواجب عليه الذي إن أخل به فهو مقصر فيما يجب عليه، وذلك مثل الهداية والتوفيق إلى الخير فإنها من فضل الله ورحمته وله المشيئة التامة في التفضل بها أو منعها، كما أن له الحكمة البالغة في ذلك والحمد أيضاً، ولهذا القدرية لا يحمدون الله على ما أنعم به على العباد، إذ يرون ذلك من الواجب عليه والإخلال به قبيح، كما أنهم يرون أنه من باب العرض المستحق، وأما أهل السنة فإنهم يرون ذلك غير واجب عليه بل هو تفضل وإنعام منه فيحمدونه الحمد كله عليه ويسألونه الفضل والزيادة.