للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك كله، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال: "زوجتك أفقه منك" (١).

ولقد قال أوس بن ثعلبة (٢) قبل الإسلام قصيدة فيها:

فإن تكن الأيام أبلين أعظمي … وشيبن رأسي والمشيب مع العمر

فإن لنا رباً علا فوق عرشه … عليما بما نأتي من الخير والشر

ولأن المسلمين مجمعون عند الدعاء على رفع أبصارهم وأكفهم إلى نحو السماء (٣) فدل على صحة ما قلناه.

وروي عن عكرمة في قوله تعالى إخباراً عن إبليس {ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} (٤)، قال ابن عباس: "ألم يستطع أن يقول من فوقهم علم أن الله فوقهم" (٥).

ويقال لهم: إذا لم يكن الله فوق العرش بمعنى يختص بالعرش كما قال أصحاب الحديث، وكان بكل مكان، فقولوا: إنه تحت الأرض والسماء


(١) ورد هذا الخبر من عدة طرق ولكنها منقطعة أو مرسلة، فقد أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية ص ٢٧ عن قدامة بن إبراهيم بن محمد بن حاطب وهو منقطع. وأخرجه الموفق ابن قدامة في (إثبات صفة العلو) ص ١٠٠ عن نافع وهو مرسل. وذكره الذهبي في السير مسنداً عن عبد العزيز ابن أخي الماجشون قال: بلغنا أنه كانت لعبد الله بن رواحة جارية، فذكره وهو منقطع، انظر: سير أعلام النبلاء ١/ ٢٣٨، وذكره أيضاً في العلو ص ٤١، وقال: "روي من وجوه مرسلة"، كما أن هذه الرواية لم تثبت مسندة فإن فيها نكارة من حيث المعنى، وهو أنه قرأ شعراً موهماً زوجته أنه قرآن فهذا معنى مستبعد على هذا الصحابي، والله أعلم.
(٢) أوس بن حارثة جدّ قبيلة الأوس، وذكر الأبيات السجزي في الرد على من أنكر الحرف والصوت ص ١٥٦.
(٣) هذا ما يسميه العلماء دليل الفطرة وقد ذكر هذا الاستدلال الدارمي في الرد على الجهمية ص ٢١، وابن خزيمة في التوحيد ص ١١٠، وانظر: شرح العقيدة الطحاوية ص ٣٢٥.
(٤) الأعراف آية (١٧).
(٥) أخرجه اللالكائي في السنة ٣/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>