للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٠ - فصل

خلق الله الخلق فجعلهم على بنية يصح منهم قبول التكليف، وهو البلوغ والعقل، وسوى بين (١) المسلم منهم وبين الكافر بذلك، ودعاهم جميعاً إلى الإيمان به (٢) والطاعة، وسوى بينهم بذلك، ثم وقع منه التخصيص لبعضهم في الهداية فخلق فيهم لطفاً آثروا به الإيمان والطاعة على الكفر والمعصية، وخالفوا أهواءهم والشيطان، ولم يخلق الله ذلك اللطف فيمن كفر به ولا فيمن عصاه بل طبع على قلوب الكافرين به وجعل صدورهم ضيقة حرجة بالإسلام فآثروا بذلك الكفر على الإيمان، وكذلك العصاة من المسلمين لم يجعل في قلوبهم من التنوير والإيمان ما جعل في قلوب المطيعين.

وعند القدرية: أن الله ساوى بين المسلم والكافر والمطيع والعاصي في الهداية والتسديد والطف والتنوير وشرح الصدور، ولم يطبع على قلوب الكافرين ولا ختم عليها عن الإيمان، ولكن غلب عليهم الهوى والشيطان.

والدليل على صحة ما ذهبنا إليه من ذلك قول الله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} (٣) ومثله قوله تعالى في آي كثيرة {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (٤) ومثله قوله: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً} (٥).

فمن قال: إن الله لم يطبع على قلوب الكفار فقد كذَّب الله في خبره فاعترض هذا المخالف القدري على مواضع من هذا الفصل منها:


(١) (بين) ليست في - ح-.
(٢) (به) ليست في - ح-.
(٣) البقرة آية (٧).
(٤) النحل آية (١٠٨).
(٥) الإسراء آية (٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>