للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا}، لقال: كذلك قال الذين من قبلهم، كما أخبر عن مشركي العرب فقال: {وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ} أي هلا يكلمنا الله فنسمع كلامه {أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ} فقال الله توبيخاً لهم وذماً {كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (١) يعني اليهود حيث قالوا لموسى: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} (٢). (٣)


(١) القرة آية (١١٨).
(٢) النساء آية (١٥٣).
(٣) ذكر المصنف - رحمه الله - أربعة أجوبة في بيان هذه الآية، وذلك أن الآية ظاهرها يوهم الإشكال حيث وصف الله قولهم: {لوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} بأن هذا كذب وخرص وأن هذا أسلوب السابقين من الكفار، وعاب عليهم هذا القول ومع ذلك فقد قال عقبها {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} وهذا تعقيب وتأكيد على قولهم السابق، لهذا ذكر العلماء عدة أقوال في بيان الأمر الذي عابه الله على المشركين، منها هذه الأقوال الأربعة التي ذكرها المصنف وأقوال أخرى منها: -
ما ذكره الطبري من أنهم جعلوا مشيئة اله لهذا الشرك وعدم منعه لهم دليلا على رضاه وحبه لهم فكذبهم الله بذلك. وقولا آخر ذكره ابن القيم - رحمه الله - وهو أن الله أنكر عليهم رد الشرع وأمر الرسل لهم بتوحيد الله وعبادته باللاحتجاج بالمشيئة، فهو قول حق أريد به باطل كما يحتج بذلك كل صاحب هوى أو باطل مصر على هواه وباطله ولا يريد أن يقلع عنه فيحتج بالقدر، فلهذا قال الله تعالى: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} وذلك بإصرارهم على الكفر وردهم لدعوة الرسل.
انظر: تفسير الطبري ٨/ ٧٨، شفاء العليل ص ١٥، شرح الطحاوية ص ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>