للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢ - فصل

وقد أظهر القدري المعترض على كلامي في الرسالة الإنكار وأكثر التعنيف لما ذكرت فيها أنها نصيحة للمسلمين، فأورد كلاماً كثيراً عمدته أن قال: إن كانت هداية المقصودين بالنصيحة إن اهتدوا أو ضلالتهم إن ضلوا من الله وخلقا له كما في مذهبك فأي فائدة بنصيحة من نصحهم؟ وإن كان لكلام الناصح تأثير في إرشادهم فقد خرج من مذهبه، وإن كان لا تأثير له فلا فائدة به، وكذلك إن كان كلام خصمه الذي نهوا عن استماعه خلقاً لله فأضلهم الله به فأي ذنب على خصمه؟.

والجواب أن يقال له: قد ورد الشرع بالنصيحة لدين الله والمسلمين.

روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "رأس الدين النصيحة. قيل: لمن يا رسول الله؟ فقال: لله ولرسوله ولدينه ولأئمة المسلمين وللمسلمين عامة" (١).

وأمر الله نبيه بتذكير العباد فقال: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (٢). وقال: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ} (٣). فالنصيحة والتذكير من الناصح والمذكر هو كسب له مأمور به ومندوب إليه ويثاب عليه، والهداية للمنصوح بقبول ذلك والعمل بموجبه تفضل من الله على


(١) ذكره خ. كتاب الإيمان (ب. قول النبي - صلى الله عليه وسلم- الدين النصيحة) ١/ ١٧ تعليقا، وأخرجه مسنداً م. كتاب الإيمان (ب. الدين النصيحة) ١/ ٧٤، د. كتاب الأدب (ب. في النصيحة) ٢/ ٣٠٦، ت. كتاب البر والصلة (ب. ما جاء في النصيحة) ٤/ ٣٢٤ كلهم من حديث تميم الداري رضي الله عنه.
وليس في شيء من روايات الحديث التي اطلعت عليها قوله: "رأس"، ولا قوله: "لدينه"، وإنما الذي ورد بدلاً عنها "لكتابه".
(٢) الذاريات آية (٥٥).
(٣) الغاشية آية (٢١ - ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>