للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجاب المخالف عن هذا وقال: لا شك أن القدرة التي في العبد من فعل الله ومن اجل نعمه على خلقه، وأما قول هذا (١) المستدل أن الفعل الواحد لا يكون إلا بقدرة قديمة وقدرة محدثة فإن هذا مبني على أصل فاسد وهو أن الباري له قدرة قديمة وذلك باطل عندنا، بل لا يحتاج إلى قدرة قديمة ولا إلى علم ولا حياة (٢) ولا إرادة ولا سمع ولا بصر بل هو قادر بذاته (٣) على جميع المقدورات وعالم بذاته وهو مستغن عن كل شيء، وصرح بأنه لا كلام له وإن القائلين بإثبات هذه الصفات لله كالقائلين بالتثنية من المجوس وبالتثليث من النصارى، هذا نكتة قوله.

والجواب أن يقال: شرح القولين في القدرة المخلوقة في العبد مختلف فيه، فقول أهل التوحيد والسنة: إن الاستطاعة في العبد صفة قائمة به لا تبقى زمانين، بل يخلق الله كل جزء منها فيه حال حدوثه، واستطاعته في كل جزء غير استطاعته بالجزء الآخر (٤)، والله خالق كل جزء، والعبد غير


(١) (هذا) ليست في - ح -.
(٢) في - ح - (ولا إلى حياة).
(٣) في - ح - (لذاته).
(٤) ما ذكر المصنف - رحمه الله - هنا وهي القدرة في حال الفعل، وهي بهذا عرض من الأعراض، وهي لا تبقى زمانين عند الأشاعرة ومن وافقهم. انظر: الإرشاد للجويني ص ١٩٦.
أما المعتزلة فإن قولهم في الاستطاعة إنها قبل الفعل والأكثر منهم على أنها تبقى وبعضهم قال: لا تبقى. انظر: مقالات الإسلاميين ١/ ٣٠٠.
أما الأعراض فقد اختلف في بقائها على تفصيلات، فمنهم من خص بعض الأمور بالبقاء كاللون والطعوم والروائح، ومنهم من قال: بعدم بقاء الأعراض كلها وممن قال بهذا الأشاعرة وظاهر قول المصنف أنه على هذا القول. انظر: المقالات ١/ ٤٦، وقد تقدم بيان القول الحق في الاستطاعة وأنها تطلق على القدرة التي تكون قبل الفعل وأنها مناط الأمر والنهي الشرعي، كما أنها تطلق على القدرة مع الفعل وهي الموجبة للفعل وخلق الله متعلق بالنوعين. انظر: ما تقدم.
أما التفصيل المذكور بخلق أجزاء الفعل فباعتبار أن خالق الفعل، وهذا الخلق يقع على كل جزء من أجزاء الفعل أعني الحركة بالفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>