للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٩ - فصل

وقد ألزم الغزالي في الاقتصاد الأشعرية ونفسه لأهل الحديث إلزامات حسنة صحيحة، وأجاب عنها بأجوبة فاسدة.

منها: إن قال قائل كيف سمع موسى صلى الله عليه وسلم كلام الله تعالى؟.

فإن قلتم سمع صوتاً وحرفاً، فإذا لم يسمع كلام الله، لأن كلامه ليس بصوت ولا حرف، وإن قلتم لم يسمع صوتاً وحرفاً فكيف سمع ما ليس بحرف ولا صوت، وهذا إلزام صحيح.

فأجاب عنه على قوله وقول الأشعرية وقال: سمع موسى كلام الله، وهو صفة قديمة بذات الله ليس بحرف وصوت، فقول من قال: كيف سمع ذلك كقول القائل: كيف أدركت بحاسة الذوق حلاوة السكر، وهذا القول (١) لا يستند إلى شفاية إلا بأن نسلم سكراً إلى هذا السائل حتى يذوقه فيدرك طعمه وحلاوته، وكذلك نقول لهذا السائل: لا يمكن شفاؤك إلا بأن تسمع كلام الله القديم، وهو متعذر لأن ذلك من خصائص الكليم فنحن لا نقدر على استماعه أو تشبيه (٢) ذلك بشيء من مسموعاته التي ألفها، و الأصوات (٣) لا تشبيه ما ليس بأصوات فيتعذر تفهيمه، فعلم أن هذا السؤال محال، هذا معنى قوله ومعتمده فيما أجاب (٤).

ولنا عن هذا أجوبة:

أحدها أن يقال: ما المعنى الجامع بين فهم حلاوة السكر، وفهم سماع موسى لكلام الله، ومحال أن يكون فهم حلاوة السكر وغيره من الطعوم المعتادة غير معلوم من غير ذوق.


(١) في - ح- (السؤال) وهو كذلك في الاقتصاد للغزالي.
(٢) في كلا النسختين (وتشبه) والتصويب من الاقتصاد للغزالي حيث لا يستقيم الكلام بدون أو.
(٣) في النسختين بدون الواو، وهي في الاقتصاد ولا يتم المعنى إلا بها.
(٤) انظر: الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي ص ٧٨ وقد اختصر المصنف هنا الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>