(٢) أخرجه م. صلاة المسافرين (ب. الدعاء في صلاة الليل وقيامه) ١/ ٥٣٤، د. كتاب الصلاة (ب. ما يستفتح به الصلاة من الدعاء) ١/ ٣٧٠، مختصر السنن. ن. كتاب الصلاة (ب. الدعاء بين التكبير والقراءة) ٢/ ١٣٠ كلهم من حديث علي - رضي الله عنه -. (٣) ذكر النووي في شرح مسلم ٦/ ٥٩ عن الخطابي خمسة أقوال في معنى الحديث منها هذان القولان ونسب القول الأول للخليل بن أحمد والنضر بن شميل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر بن خزيمة والأزهري، أما الثاني فحكاه الشيخ أبو حامد عن المزني، والقول الثالث: إن الشر لا يصعد إليك إنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح، قلت: وهو بمعنى القول الأول، والقول الرابع: إن الشر ليس شرا بالنسبة إليك فإنك خلقته بحكمة بالغة، وإنما هو شر بالنسبة للخلوقين. والقول الخامس: حكاه الخطابي إنه كقولك فلان إلى بني فلان إذا كان عداده فيهم أو وصفوه معهم. انظر أيضا: معالم السنن بهامش مختصر سنن أبي داود ١/ ٣٧١. وهذا الحديث يحتاج إلى توجيه وتوضيح أكثر مما ذكر لما يتبادر في الذهن من أن الله غير خالق للشر وقد أجمع السلف على أن الله خالق كل شيء وأن القدر خيره وشره حلوه ومره من الله تعالى، وقد فصل هذا الأمر شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم - رحمهما الله تعالى -، قال ابن القيم في شفاء العليل ما مختصره: "إن الشر لا يضاف إلى الله عزوجل لا في أسمائه ولا صفاته ولا أفعاله ولا خلقه وإنما يدخل الشر الجزئي الإضافي في المقضي المقدر ويكون شرا بالنسبة إلى محل وخيرا بالنسبة إلى محل آخر، كالقصاص وإقامة الحدود وقتل الكفار فإنه شر بالنسبة غليهم وخير بالنسبة إلى غيرهم، كما أن قضاء الله وقدره عليهم خير وحكمة وعدل فعليه يكون هذا المقضي المقدر شرا بالنسبة إلى المحل الذي قام فيه، وقد يكون خيرا له من وجه آخر كما إذا أفضى إقامة الحد إلى التوبة أو أفضى المرض إلى رفع الدرجات وتكفير السيئات. ولم يرد في الكتاب والسنة إضافة الشر إلى الله عزوجل مطلقا بل ورد داخلا في مفعولاته بطريق العموم كقوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق مِنْ شَرِّ مَا خَلَق} فما هاهنا موصولة أو مصدرية والمصدر بمعنى المفعول أي من شر الذي خلقه أو من شر مخلوقه. كما ورد بحذف فاعله كقوله تعالى عن مؤمني الجن {وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} وقد نسبه إلى محله القائم به كقول الخليل إبراهيم عليه السلام {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}. ومن أراد لاستزادة فليراجع شفاء العليل لابن القيم فقد أطال وأجاد - رحمه الله - من الباب الحادي والعشرين ص ١٧٨ إلى الباب الخامس والعشرين ص ٢٧١، وانظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (١٤/ ١٨ - ٢٨)، وشرح الطحاوية ص ٢٨٣.