للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يسلم فإن إرادته لذلك تعود إلى معنى التمني، وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

ويدل على صحة ما قلناه قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} (١) فأخبر أنه لو شاء ما اقتتلوا ولكن فعل ما أراد من ذلك وهو ما أراده من فعل غيره، فإن قالوا لو شاء لأجبرهم (٢) على ترك القتال. قلنا: فعلى قولكم أنه أجبرهم على القتال (٣)، لأنه أخبر أنه أراد قتالهم.

وأما قول المخالف بجوابه: إن غرض المكلفين بذلك مدح الله بأحسن المدائح إلى آخر كلامه، فيقال له (٤): مدحهم الله بأحسن المدائح يقتضي أن يتم ما يشاء من فعله وفعل غيره، وعلى أن هذا الكلام الذي أورده في هذا لا تعلق له بما نحن فيه (٥) وإنما يليق إيراد هذا احتجاجاً لأهل السنة إذا قيل لهم: لم لا تقولون يا خالق الزنا، يا خالق المعاصي كما تقولون يا خالق السموات والأرض؟ فيقولون: أمرنا الله بأن ندعو بأسمائه الحسنى وصفاته العليا (٦) فقال: {وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (٧)، وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (٨).


(١) البقرة آية (٢٥٣).
(٢) في - ح- (لو أراد أجبرهم).
(٣) في - ح- بعد قوله: "القتال" جعل سهما لهامش وكتب (لا يصح) وليست في الأصل ولا معنى لها.
(٤) في الأصل غير واضحة تماما والأظهر أنها (لهم) وهي في - ح- كما أثبتها.
(٥) مراده بكلام المخالف قوله: (وليس من الثناء الحسن ولا من المدح البليغ بأن يصفوه أنه مريد المخازي والخبائث والمعاصي). انظر: ص ٣٤٥.
(٦) في - ح- (الحسنى) وهي في - ح- كما أثبتها وهي الأصوب.
(٧) الأعراف آية (١٨٠).
(٨) الأعراف آية (٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>