للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت الخوارج: "من أذنب متعمدا كفر بالله سواء فعل صغيرة أو كبيرة" (١).

وقالت المعتزلة والقدرية: "لا يجوز أن يعذب الله العباد على الصغائر وإن عذبهم عليها ظلمهم، ومن فعل كبيرة فإنه يخلد في النار، ولا يوصف الله بأنه يغفر الكبائر" (٢).

فعند القدرية من عبد الله ألف سنة بأنواع العبادات من الصلاة والصوم والجهاد وغير ذلك لم يعص الله فيها ثم ركب معصية من الكبائر مرة واحدة


(١) المؤلف - رحمه الله - جعل الخوارج على قول واحد في مرتكب الكبيرة، والناظر فيم ذكر عنهم من أقوال في مرتكب الكبيرة يجدهم على عدة أقوال:
أولا: التكفير على الصغيرة في حالة الإصرار، وبه قال طائفة من الإباضية، وبه قال النجدات وقالوا: إذا لم يصر على الكبيرة فهو مسلم.
ثانيا: التكفير على كل ذنب صغير أو كبير، وهذا يحكى عن اليزيدية منهم، ولعل هؤلاء الذين عناهم المصنف بقوله هنا.
ثالثا: التكفير على ارتكاب الكبيرة، وبه قال الأزارقة والمكرميه من الثعالبة والصفرية والبهيسية وأكثر الخوارج.
رابعا: أن ارتكاب الكبائر كفر نعمة لا كفر شرك وبه قال الإباضية.
خامسا: طائفة من الصفرية قالوا: ما كان من الذنوب عليه حد فيسمى به كالزنا والقذف فيقال زان قاذف، وما كان من الكبائر ليس فيه حد كترك الصلاة فيقال كفر، وفي الحالتين لا يسمى مؤمنا.
سادسا: من واقع ذنبا لا يكفر حتى يرفع إلى الوالي ويحد في ذنبه وقبل ذلك لا يسمى مؤمنا ولا كافرا وبه قال بعض البهيسية وفرقة من الصفرية، والله أعلم.
انظر: مقالات الإسلاميين ١/ ١٧٤ - ١٩٨، الفرق بين الفرق ص (٨٢ - ١٠٩)، الملل والنحل بهامش الفصل ١/ ١٦٤ - ١٨١، الفصل لابن حزم ٣/ ٢٢٩ - ٤/ ١٩٠.
(٢) المعتزلة والزيدية على أن الذنوب منها صغائر وكبائر. أما الصغائر فإن صاحبها مستحق أن تكفر عنه في مقابل ماله من ثواب. وأما الكبائر فإنها لا تكفر عن صاحبها بل يجب أن يعاقب عليها. انظر: شرح الأصول الخمسة ص (٦٦ - ٦٣٢)، مصباح العلوم بعرفة الحي القيوم ص (١٩ - ٢٠)، تاريخ الفرقة الزيدية ص (٣٢٨ - ٣٢٩)، الملل بهامش الفصل ١/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>