للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه موصوف بذلك بصفة لا يوصف بها العبد، والعبد موصوف بذلك بصفة لا يوصف بها الله، وإن كان المعنى الذي وُصِفْنَا به لأجله واحداً فيوصف الله بأنه خالق لفعل العبد أي أنه أنشأه واخترعه وأراده وعلمه وقدره بإرادة قديمة وعلم قديم وقدرة قديمة (١)، ولا يوصف سبحانه بأنه مكتسب للفعل والعبد موصوف بأنه مكتسب لفعله، ولا نصفه بأنه خالق له كما أنه موصوف بأنه متحرك بفعله ومباشر له، ولا يوصف الله سبحانه بأنه متحرك فيما فعل (٢) ولا مباشر له (٣) وينفصل عن قول المجبرة، لأن المجبر هو: المقهور، والمكتسب هو من يقع الفعل منه وهو مختار لوقوعه ومؤثر لوقوعه على تركه.

والمجبر على الفعل هو: المضطرب برعدة الحمى والفالج، ولا يلزمنا القول بالحق، لأن الخالق (٤) هو: المنشئ بقدرة قديمة على ما مضى ويوصف بالعلم بما خلق قبل الفعل وبعده، ويقدر على إعادة الخلق، وبهذا نبه الله على خلقه للأشياء بقوله تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (٥) وقوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} (٦) ووصف العباد بالكسب بقوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (٧) وقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (٨) وقوله: {جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} (٩) وكل ما أخبر الله عنهم بالعمل


(١) قول المصنف: "بإرادة قديمة وعلم قديم … الخ". هو من كلام أهل الكلام الباطل الذي لم يدل عليه دليل بل الدليل دل على أن الله جل وعلا يريد بإرادة تتعلق بما يشاء وقت ما يشاء قال تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} فإرادته جل وعلا تتعلق بما يريد إيجاده في وقته، وكذلك الكللام في القدرة فهو موصوف بها في الأزل وكل ما أراد خلقه فإنما يخلقه بقدرته فخلق السموات والأرض وكل شيء بقدرته، والسموات والأرض والمخلوقات حادثة وليست قديمة.
(٢) في - ح - (فعل ذلك).
(٣) يعني (فيما فعل العبد ولا مباشر لفعل العبد).
(٤) في - ح - (الخلق) وهو تصحيف.
(٥) الملك آية (١٤).
(٦) الأنبياء آية (١٠٤).
(٧) التوبة آية (٨٢).
(٨) المدثر آية (٣٨).
(٩) المائدة آية (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>