للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفعل فالمراد حقيقته لكونه كسباً لهم لا لأنهم خلقوه، فهذا هو الفرق بين الخلق والكسب لا يعقله إلا من نور الله بصيرته وهداه إلى الحق ولم يضله على سبيل الهدى.

ثم يعارض هذا بما هو أقوى منه ويقال لهم: إذا قلتم إن العبد يخلق أفعاله هل خلقها بإرادة أم بغير إرادة، فإن قلتم: خلقها بغير إرادة لم يكن وجود الفعل منه على الصفة التي وجد عليها بأولى من وجوده على خلاف ذلك، وجوز في العقل وجود الصناعات المحكمة (١) ممن لا إرادة له من البهائم والجمادات، وإن قلتم خلقها (٢) بإرادة، قلنا لهم: فهل تلك الإرادة خلق للعبد أو خلق لله، فإن قلتم إنها خلق للعبد، قلنا: فهل خلق تلك الإرادة بإرادة غيرها أم بغير إرادة، فإن قلتم خلقها بغير إرادة. قلنا: يجوز أيضاً أن يكون خلق الفعل بغير إرادة، وإن قالوا: خلقها (٣) بإرادة غيرها، قلنا: فتلك الإرادة تفتقر إلى إرادة مخلوقة له وتسلسل إلى غير نهاية، وما كان هذا سبيله حكم بإبطاله، وثبت أن (٤) إرادته خلق لغيره وهو الله سبحانه الخالق لكل شيء من جنسها ومن غير جنسها، ويقال لهم: كيف يكون الحيوان موصوفاً باختراع الخلق وإنشائه ونحن نشاهد العنكبوت والنحل وسائر الطيور يصدر منها من لطائف صناعات يتحير في كيفيتها عقول ذوي الألباب، وكيف انفردت هي بذلك دون الله وهي عالمة بتفاصيل ما يصدر منها!؟.


(١) في - ح - (المحكمات).
(٢) في - ح - (بل خلقها).
(٣) في - ح - (بل خلقها).
(٤) في الأصل (انه) ولا معنى للهاء هنا وما أثبته من - ح -.

<<  <  ج: ص:  >  >>