للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه أقوال أهل الجاهلية قل الإسلام، ثم جاء الإسلام على ذلك، فدل على أن القدرية مخالفون لجميع الخلق وأهل الملل والأديان (١) بقولهم.

فأجاب القدري عن هذا الاستدلال بنكت منها أن قال: جمعت بين العلم والإرادة من غير علة جامعة بينهما وكل قياس بين أمرين بغير علة جامعة بينهما فهو باطل.

والجواب أن يقال له: قولك من غير علة جامعة بينهما نفي للعيان، والعلة الجامعة بينهما لا تخفى على أحد، وهو أن كونه عالماً من صفات كماله لينتقي عنه الجهل وكذلك كونه مريداً (٢) من صفات كماله (٣) لأنه لو لم يكن مريداً لم يكن تقدم ما وقع من المكونات بأولى من تأخرها (٤)، وليس هناك مخصص لذلك إلا كون الله مريداً لتقديم ما تقدم وتأخير ما تأخر فهذه العلة المقتضية للجميع بينهما.

ثم قال هذا المخالف في جوابه عن هذا: إنما كان العالم بجميع المعلومات أولى بالإلاهية ممن لا يعلمها، لأن الإله لا يكون إلا قديماً، والقديم يجب أن يكون عالماً بذاته ممتنعاً بذاته عن علم يعلم به، ومن حق العالم للذات أن يكون عالماً بجميع المعلومات إذ لا اختصاص لذاته بمعلوم دون معلوم، فلذلك كان عالماً بجميع المعلومات وأولى بالإلاهية من غيره.


(١) في - ح- (وأهل الأديان).
(٢) في النسختين (وهو أن كذلك) ولا معنى لها والأولى أن تكون العبارة (وكذلك كونه) كما أثبت.
(٣) هذه الكلمة وكذلك التي قبلها كتبت في الأصل (كاملة) وهي في - ح- كما أثبتها إلا أنه صححها في - ح- كما في الأصل ولا معنى لها مناسب.
(٤) في الأصل (لم يكن تقدم ما وقع والا تأخر ما تأخر منها أولى تقدمها من تأخرها) وما أثبت من - ح- وهو أخصر وأقوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>