(٢) النجم آية (١٣). (٣) التكوير آية (٢٣). (٤) أخرجه م. كتاب الإيمان (ب. قوله تعالى ولقد رآه نزلة أخرى) ١/ ١٥٩، وأخرجه حم. ٦/ ٢٣٦، ٣٤١ مختصراً وليس في شيء من الروايات قوله "فيها" وهي مثبتة في النسختين ولا معنى لها. (٥) رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا اختلف فيها الصحابة - رضوان الله عليهم - إلى قولين: القول الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه وهذا قول ابن عباس ومن وافقه من أصحابه وغيرهم كالحسن وعكرمة وكعب الأحبار وأبي ذر في رواية عنه والزهري ومعمر وهو قول الأشعري وعامة أتباعه. القول الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه عزوجل ليلة أسري به وإنما الرؤية الواردة في آية النجم في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} إنما كانت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام على صورته التي خلق عليها كما تقدم في حديث عائشة. وهذا قول عائشة وابن مسعود وأبي هريرة - رضي الله عنهم -، ورواية عن أبي ذر - رضي الله عنه -، وقال النووي في شرح مسلم ٣/ ٧: "إن أكثر العلماء على أن المراد بقوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام على خلقته، ثم قال: إن العلماء بعد ذلك منهم من قال بقول ابن عباس، ومنهم من قال بقول عائشة - رضي الله عنها - كما صار هناك قولان آخران وهما: قول من توقف في المسألة لعدم وضوح الدليل، وبه قال سعيد بن جبير وهو قول القرطبي في المفهم. وقول من جمع بين الروايات وذلك بإثبات الرؤية بالقلب ونفيها عن البصر وقالوا: إن ابن عباس ثبت عنه إثبات الرؤية مطلقاً غير مقيدة بالبصر، كما ثبت عنه إثبات أنها رؤية قلبية فيحمل المطلق على المقيد، وعائشة - رضي الله عنها - نفت الرؤية بالبصر، فلا يكون بينهما تعارض. وبهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والحافظ ابن حجر وغيرهم. انظر: مجموع الفتاوى ٦/ ٥٠٩، زاد المعاد ٣/ ٣٧، البيان في أقسام القرآن ص ١٦٠ - ١٦٤، فتح الباري ٨/ ٦٠٨، وهذا أرجح الأقوال لجمعه بين القولين، فإن الرؤية القلبية لا تعارضها الأدلة الشرعية وممكن وقوعها. وقد ثبت عن ابن عباس القول به، وقد ورد في حديث معاذ إثبات الرؤية وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إني قمت من الليل فتوضأت وصليت ما قدر لي فنعست في صلاتي حتى استثقلت فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال: يا محمد، قلت: لبيك يا رب، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى .. " الحديث، أخرجه ت. في التفسير ٥/ ٣٦٨ - ٣٦٩ وقال: "حسن صحيح"، وقال: "سألت محمد بن إسماعيل عنه" فقال: "حسن صحيح"، وأخرجه حم. ١/ ٣٦٨ عن ابن عباس، ورجال إسناده ثقات إلا أن أبا قلابة الراوي عن ابن عباس قيل إنه لم يسمع منه. انظر: التهذيب ٥/ ٢٢٤. وقد أخرجه ابن جرير من طريق عطاء عن ابن عباس وزاد في آخره من قوله صلى الله عليه وسلم: "فذلك قوله في كتابه يحدثكموه {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} فجعل نور بصري في فؤادي فنظرت إليه بفؤادي" تفسير ابن جرير ٢٧/ ٤٨. وفي إسناده سعيد بن زربي، وهو منكر الحديث. انظر: التقريب ص ١٢١٠، فهذا الحديث يدل على ثبوت الرؤية المنامية، أما رؤية العين فليس فيها دليل صريح، ويؤيد عدم وقوعها حديث أبي ذر عند مسلم ١/ ١٦١ قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك؟ قال: "نور أنى أراه" وفي رواية أخرى "رأيت نوراً". وقيل: إن المراد بهذا النور هو الحجاب الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي موسى "حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه". أخرجه م. ١/ ١٦٢. ومما يدل على عدم وقوع الرؤية بالعين أنها مقام رفيع وميزة عظيمة، فلو أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم لذكرها واشتهر ذلك عنه كما ذكر غيرها من النعم، والله أعلم.