للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: إن الثواب والعقاب من الله على اكتسابهم لأعمالهم في الخير الذي وفقهم لاكتسابه وفي الشر الذي لم يتفضل عليهم بالتوفيق بضدها.

وأما قوله: لا يجازيهم بما خلقه فيهم فينتقض بما خلق فيهم من زيادة الهداية وزيادة الضلال عند هذا المخالف بأنه يجازيهم على ذلك في الآخرة على قول المخالف وإن كان ذلك من خلقه (١).

استدل المخالف على صحة تأويله في الآية بمسألة فقهية فقال: لو كان لرجل عبد مستأجر على نسج ثوب فقال: أنا مالك لهذا الغلام ولما يعمل فإن الذي يسبق إلى أفهام السامعين أنه أراد مالك لهذا العبد ولهذا الثوب الذي يعمله.

والجواب أن يقال له: سلكت في هذا طريقاً متوعراً عليك لجهلك به فيوشك أن تبقى منقطعاً فيه، فأنت إذاً المراد بقول الشاعر:

دع المكارم لا تنهض لبغيتها … واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي (٢)

ثم بقال له: أما قول القائل هذا العبد الناسج وما يعمله ملك لي فإنه خبر والخبر: ما دخله الصدق أو الكذب ولا يتعلق بقول هذا حكم إلا معرفة صدقه أو كذبه، وقوله وما يعمل هو كقوله وعمله، (وعمله) (٣) حقيقة هو حركته بعمل الثوب في النسج فيكون منصرفاً إليه ولا ينصرف إلى الثوب إلا بتفسير منه أنه أراده (٤) فيكون معمولاً له مجازاً على ما مضى (٥).


(١) سيأتي زيادة إيضاح لذلك حيث عقد فصلاً خاصاً في مسألة الهدى والضلال. انظر: فصل رقم (٤٤) وما بعده.
(٢) هذا البيت للحطيئة من قصيدة يهجو بها الزبرقان بن بدر. انظر: ديوان الحطيئة ص ٥.
(٣) في الأصل هكذا (وعمله حقيقه) فأضفت (وعمله) الثانية لأنه لا يتضح الكلام بدونها.
(٤) هذا ينطبق على ما ذكر العمراني وهو قوله: (العبد الناسج وما يعمله ملك لي) أما قول الزيدي: "لو كان لرجل عبد مستأجر … " الخ فلا ينطبق عليه هذا الكلام لأن الثوب ملك للمستأجر وليس لسيد الغلام فلا يصح له أن يستثنيه.
(٥) انظر: ما مضى ص ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>