للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهم {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (١) وقال في آية أخرى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (٢)، وفي جميع هذا المراد بالفسق الكفر

وقد يقع الفسق على من ارتمب المعاصي من الموحدين مع علمه بتحريمها، فهذا عندنا لا يخرجه من الإيمان بل هو مؤمن بإيمانه فاسق بفسقه (٣) لا يخلد في النار بذلك، خلافاً للمعتزلة والقدرية وبهذه المسألة سموا معتزلة: وذلك أن واصل بن عطاء رئيس المعتزلة كان من أصحاب الحسن ابن أبي الحسن البصري، وكان ممن لا يلازم مجلسه فوجد الناس قائلين فيها: فأهل الحديث قالوا هو مؤمن بإيمانه فاسق بفسقه لا يضاد فسقه الذي ليس بكفر إيمانه الذي في قلبه، وإن كان ينقص من دينه إلى ما هو دونها ولا ينزلون جنة ولا نار، بل إن عذبه الله بفسقه وإن عفى عنه فبفضله وإحسانه (٤).

وقالت الخوارج: بل كل من ارتكب ذنباً صغيراً كان أو كبيراً خرج به من الإيمان إلى ضده وهو الكفر ويخلد في النار (٥).

فأحدث واصل بين عطاء قولا ثالثا وقال: أقول إنه فاسق ولا أسميه مؤمنا ولا كافرا ويخلد في النار، فأخرجه الحسن من مجلسه، واعتزله فسمي معتزليا لاعتزاله عما عليه كافة الأمة (٦).


(١) النور آية (٥٥).
(٢) النساء آية (١٤٥)، والمراد هنا أن المنافقين في الظاهر مسلمون وهم في الحقيقة فساق وفسقهم فسق كفر وعقوبتهم أنهم في الدرك الأسفل من النار.
(٣) في - ح - (لا يخلد بالنار بذلك لا يضاد) وليست في الأصل.
(٤) تقدم قول أهل السنة في مرتكبي الكبيرة ص ٦٦٦.
(٥) تقدم قول الخوارج في مرتكبي الكبيرة ص ٦٦٨.
(٦) هذا ما يسميه المعتزلة ب - (المنزلة بين المنزلتين) وهو الأصل الرابع من أصولهم. انظر: شرح الأصول الخمسة - ص ٦٩٧، وقد تقدم بيان هذا ص ٦٨ وواصل بن عطاء، هو الغزال المتكلم توفي سنة ١٣١ هـ -. ميزان الاعتدال ٤/ ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>