للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف العلماء فيمن ترك الصلاة عامداً مع اعتقاده وجوبها:

فمنهم من قال: إنه يحكم بكفره ويجب عليه القتل في الدنيا واحتجوا بهذه الأخبار.

ومنهم من قال: يجب قتله ولا يحكم بكفره، وتأولوا هذه الأخبار على أن أحكامه أحكام الكفار في القتل.

ومنهم من قال: لا يقتل ولا يحكم بكفره، وتأولوا هذه الأخبار على من تركها جاحداً لوجوبها (١). والفسق اسم ذم وهو ضد الإيمان يقع على من فسق بالاعتقاد والجحود فيكون كافراً، هو المراد بقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} (٢)، وقال في آية أخرى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ، يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ، وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدكُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} (٣) وقال


(١) عزا ابن القيم - رحمه الله - القول الأول إلى أبي هريرة وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وعمر ابن الخطاب، وبه قال سعيد بن جبير وعامر الشعبي وإبراهيم النخعي وأبو عمرو الأوزاعي وأيوب السختياني وعبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وعبد الملك بن حبيب من المالكية وأحد الوجهين في مذهب الشافعي ورواية عن الإمام أحمد.
أما القول الثاني وهو أنه يقتل حداً لا كفراً فهو قول مالك والشافعي.
أما القول الثالث وهو أنه لا يقتل ولا يحكم بكفره فقال به ابن شهاب الزهري وسعيد بن المسيب وعمر بن العزيز وأبو حنيفة وداود بن علي والمزني، وقال هؤلاء: يحبس حتى يموت أو يتوب ولا يقتل. كتاب الصلاة لابن القيم ضمن مجموعة الحديث النجدية ص ٤٨٢ - ٤٩٦، وانظر: الفصل لابن حزم ٣/ ٢٢٩.
(٢) السجدة آية (٢٠).
(٣) الحج آية (١٩ - ٢٢) ولم يرد في الآية ذكر للفاسق، ولعل مراد المصنف أن الوصف الذي حصل في آية السجدة كالوصف الموجود هنا في آية الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>