للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا تمويه منه ومعاندة لما ورد به القرآن والسنة، وما عليه العلماء من الصحابة والتابعين.

وأما قوله: "إن السماء قبلة الدعاء"، فيقال له (١): لو كان هذا كما قلت لم يصح الدعاء إلا لمن توجه بيديه إلى السماء كما لا تصح الصلاة إلا لمن توجه إلى الكعبة (٢)، (٣).

ثم قال: "ولما حكم النبي صلى الله عليه وسلم بإيمان الجارية لما أشارت إلى السماء فلأنه لا سبيل للأخرس إلى تفهم علو المرتبة إلا بإشارة إلى جهة العلو، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يظن أنها من عبدة الأوثان فاستنطقت بمعبودها" (٤).

فعرّفت بالإشارة إلى السماء أن معبودها ليس من الأصنام (٥)، وهذا غير


(١) (فيقال له) ليست في - ح-.
(٢) في - ح- زيادة بعد هذا (وما حكم النبي صلى الله عليه وسلم إلا لمن توجه إلى الكعبة) ولا معنى لها بل هي مكرر خطأ.
(٣) ذكر شارح الطحاوية ص ٣٢٧ هذا الاعتراض ورد عليه بثلاثة أوجوبة:
الأول: إن القول بأن السماء قبلة الدعاء قول لم ينزل الله به سلطاناً، ولم يرد عن أحد من السلف وهو من الأمور الشرعية الدينية التي لا يجوز أن تخفى عن الأمة وعلمائها.
الثاني: أن هذا خلاف الثابت الصحيح أن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة، فإنه يستحب للداعي أن يستقبل القبلة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة، ومن زعم أن للدعاء قبلة غير قبلة الصلاة فقد ابتدع بالدين وخالف جماعة المسلمين.
الثالث: أن القبلة هي ما يستقبله العابد بوجهه كما تستقبل الكعبة في الصلاة والدعاء والذبح وتوجيه المحتضر والمدفون إليها، أما ما حاذاه الإنسان برأسه أو يديه أو جنبه فلا تسمى قبلة لا حقيقة ولا مجازاً. انتهى بتصرف. فبان بهذا مع ما ذكره المصنف أن القول بأن السماء قبلة الدعاء نخرص وقول باطل.
(٤) في الاقتصاد هكذا (فاستنطقت عن معتقدها).
(٥) الاقتصاد في الاعتقاد ص ٣٣، وهذا التأويل من الغزالي تأويل باطل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سألها عن الله ولم يسألها عن معبوده، ثم إن السؤال لو كان عن المعبود فقط لكانت الإشارة إلى السماء غير كافية في الدلالة على الإيمان بالله، لأن في جهة العلو من عبد دون الله كمن عبد الشمس أو القمر أو الملائكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>