للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: أين الله فأشارت إلى السماء، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فلو كان لا يجوز أن يقال: إن الله في السماء لبين لها النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يجوز له الإقرار على الخطأ، لا سيما وكان ذلك بحضور جماعة من الناس، أو لو كان هذا لكونها عجمية لبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لمن حضر مع أنه كان يمكنه صلى الله عليه وسلم أن يسأل من تعبد.

وكيف يصح هذا التأويل، وقد روى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن ما بين سماء إلى سماء مسيرة كذا حتى ذكر سبع سموات، وفوق ذلك بحر ما بين أعلاه وأسفله مثل ما بين سماء إلى سماء، وفوق ذلك ثمانية أوعال كواهلهم تحت العرش وأقدامهن تحت الأرض السابعة السفلى وفوق ذلك العرش والله سبحانه فوق ذلك" (١)


(١) الرواية هنا ليست كما هي عند أبي داود فالمصنف ذكرها مختصرة مع اختلاف في الألفاظ.
وهذا الحديث يسمى حديث الأوعال، وهو من رواية العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه -، أخرجه د. كتاب السنة (ب. في الجهمية) ٢/ ٢٧٦، ت. في التفسير (ب. تفسير سورة الحاقة) ٥/ ٤٢٤ وقالك حسن غريب، جه. في المقدمة (ب. فيما أنكرت الجهمية) ١/ ٦٨، حم. ٣/ ٣٨٩، والدارمي في الرد على بشر المريسي ص ٩١١، وابن أبي عاصم في السنة ١/ ٢٥٣، وابن خزيمة في التوحيد ص ١٠١، والجوزقاني في الأباطيل ١/ ٧٧، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في العرش ص ٢٧٤ رسالة ماجستير مقدمة من الأخ محمد بن خليفة التميمي.
والحديث بجميع طرقه مداره على سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس به. وعلته عبد الله بن عميرة، فقد قال عنه الذهبي في الميزان ٢/ ٤٦٩: "فيه جهالة" قال ابن حجر في التهذيب: "روى عن الأحنف بن قيس عن العباس حديث الأوعال، وعنه سماك بن حرب، وفيه عن سماك اختلاف، قال البخاري: لا نعلم له سماع من الأحنف". التهذيب ٥/ ٣٤٤.
وللحديث علة أخرى وهي انفراد سماك برواية هذا الحديث، وقد قال النسائي فيه: "كان ربما لقن فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة لأنه كان يلقن قيتلقن". انظر: التهذيب ٤/ ٢٣٤، وقد حسن الحديث كما مر الترمذي وصححه الجوزقاني. انظر: الأباطيل ١/ ٧٩، ومال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى إلى تصحيحه معتمداً على إيراد ابن خزيمة له في التوحيد، وأن هذا دليلاً على اتصال الحديث وعدم انقطاعه بين عبد الله بن عميرة والأحنف.
انظر: الفتاوى ٣/ ١٩٢، وضعفه ابن الجوزي في العلل المتناهية ١/ ٩، بل قال: "هذا حديث لا يصح" معتمداً على رواية ضعيفة ومنقطعة عند الإمام أحمد، كما ضعف الحديث الألباني في تخريج أحاديث السنة لابن أبي عاصم بناءاً على جهالة عبد الله بن عميرة وعدم سماعه من الأحنف. السنة لابن أبي عاصم ١/ ٢٥٤ وهذا هو الأظهر في الحديث وهو ضعف إسناده، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>