للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أنا نقول للمخالف هذا الخبر كله حجة لنا وحجة عليكم إلا قوله "أمراً تخييراً" فإن الله تعالى قال: {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} (١)، وقد مضى بيان فساد قولهم إن العبد مخير (٢)، ولكن قد أثبت علي - رضي الله عنه - القدر والقضاء في السير والانصراف والقضاء ينصرف إلى الخلق لقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} (٣)، وقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (٤)، والمخالف لا يقول إن مسيرهم وانصرافهم كان بقضاء من الله وقدر، وإنما يقول هو يخلقهم وإنما ظن الشيخ أن علياً أراد (٥) أن الله أجبرهم على المسير والانصراف بقضاء الله وقدره وقال (٦): ": لم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين فاستثبته الشيخ وقال: "وكيف ذلك والقضاء والقدر ساقانا" يريد أنهما ساقانا سوقاً لا امتناع لنا عنه، فنفى علي - رضي الله عنه - ذلك وأنهم ليسوا بمجبرين، فقال: "لعلك ظننت قضاء لازماً وقدراً حتماً" أي إنما وقع ذلك باختيار منكم ولو كنتم مجبرين لبطل الثواب والعقاب إلى آخر كلامه، وهذا كله حجة لنا، لأنا لا


(١) القصص آية (٦٨).
(٢) قد تقدم كلام المصنف على هذه الآية في فصل مستقل من رقم ٨١. وكذلك تقدم التعليق هناك بأن المراد إبطال قول المعتزلة الذين يقولون إن للعبد اختياراً دون إرادة الله ومشيئته. وقوله هنا "أمر تخييراً" أي أن الله لم يجبر العباد لأن الله جعل للإنسان إرادة في سلوك الطاعة أو طريق المعصية، إلا أن هذه الإرادة والمشيئة تابعة لإرادة الله ومشيئته كما أخبر جل وعلا بذلك في قوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}.
(٣) فصلت آية (١٢).
(٤) القمر آية (٤٩).
(٥) (أن علياً أراد) ليست في - ح.
(٦) في الأصل (قالوا).

<<  <  ج: ص:  >  >>