فهذا يدل على أن هذه الأمور تقع بمشيئة الله في الوقت الذي يشاء ربنا جل وعلا، وتدل على أن كلام المصنف - رحمه الله - في هذا كلام باطل لا دليل عليه، وهو في هذا أتى من أخذه لكلام الباقلاني على علاته بدون تمحيص، مع أنه - رحمه الله - أثبت لله عز وجل الصفات الفعلية كالكلام والنزول والاستواء مما لا يثبته الأشعرية، والله أعلم. وقول المصنف: "مع أنا نقول إن الفاسق من المؤمنين لا يكون معاديا لله لمعصيته مع إقراره بتوحيده وإيمانه بربه لأن العداوة متضمنة للكفر له". هذا القول ليس على إطلاقه، لأن مرتكبي الكبائر فيهم عداوة لله بحسب جرمهم، ولكنها لا تكون كعداوة الكافر، وقد نص الله عز وجل على هذا في قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فالمحاربون أعداء لله، مع أنهم لا يكفرون لهذا، وعدواتهم لله ليست كعداوة الكفار بل عداوتهم بحسب جريمتهم. وقول المصنف: " ويمكن أن يكون الله تعبدنا بذم الفاسق ولعنه محبة له .... " الخ. الصحيح أننا لم نتعبد بلعن الفاسق المعين قال النووي - رحمه الله -: " اتفق العلماء على تحريم اللعن لأنه يعني الإبعاد والطرد من رحمة الله، فلا يجوز أن يبعد من رحمة الله من لا يعرف حاله وخاتمة أمره معرفة قطعية، فلهذا قالوا: لا يجوز لعن أحد بعينه مسلما كان أو كافرا أو دابة إلا من علمنا بنص شرعي أنه مات على الكفر أو يموت عليه كأبي جهل وإبليس، وأما اللعن بالوصف فليس بحرام كلعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله إلى غير ذلك مما جاءت به النصوص الشرعية بإطلاقه على الأوصاف لا على الأعيان ". شرح مسلم ٢/ ٦٧.