للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يعارض هذا التأويل بالنص على ثبوت هذه الصفات على ما مضى (١).

والوجه الثاني من الاستدلال أن نقول: هذه الآية واردة على سبب، وذلك أن اليهود قالت: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقالت قريش: الملائكة بنات الله، وأخبر الله عنهم بذلك بقوله تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ} فنزه نفسه عن قولهم هذا، ثم قال: {هُوَ الْغَنِيُّ} أي عن الولد، وأخبر أن الجميع ممن نُسب أنه ولد له ملك له، فقال: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} أي حجة أن له ولداً {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} (٢) فإذا ثبت أن الآية نزلت على هذا السبب كان تأويل هذا المخالف على ما ذكر مما يوافق مذهبه تبديلا، وإن تجاهل هذا الرجل وتجاسر بالتصريح عن مذهبه وقال بل قوله: {هُوَ الْغَنِيُّ} ليس بقول الله حقيقة وإنما هو قولي حقيقة (٣). قلنا عن قوله هذا جوابان:

أحدهما: بأن نقول له: إذا لم يكن هذا قول الله حقيقة فلا جواب لك علينا، لأنا إنما يلزمنا الجواب عن الاحتجاج بقول من قوله حجة (٤) وهو الشارع، فأمّا قول غيره فليس بحجة.


(١) وهي الأدلة المثبتة لهذه الصفات. انظر: ص ١٣٣ - ١٣٤.
(٢) لم أقف على من أشار إلى أن الآية نزلت لهذا السبب، وإنما هي إخبار من الله عزوجل عن قول اليهود والنصارى ومشركي قريش في ادعائهم أن الله اتخذ ولداً، فأنكر الله عزوجل عليهم ذلك ونزه نفسه عن اتخاذ الولد وبين أن الجميع ملكه وقد ذكر هذا الطبري - رحمه الله - في تفسيره، والقرطبي - رحمه الله - أحال في تفسيرها إلى قوله عزوجل في سورة البقرة: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} آية (١١٦). انظر: تفسير ابن جرير ١١/ ١٤٠، تفسير القرطبي ٢/ ٨٥، ٨/ ٣٦١.
(٣) نسب القول إليه لأن المعتزلة يقولون بأنهم يخلقون أفعالهم.
(٤) قوله (قوله حجة) ساقطة من - ب-.

<<  <  ج: ص:  >  >>