(٢) لفظ الجلالة (الله) ليس في - ح -. (٣) أخرج ذلك عنه ابن جرير بسنده عن سعيد بن جبير عنه في قصة طويلة، ورولا ابن جرير ذلك أيضاً عن مجاهد. انظر: تفسير ابن جرير ١٦/ ١٦٦. (٤) قول المصنف: "وما لا مصلحة لهم فيه" إن عني أنها لا تظهر لهم في ذلك وجه المصلحة فهذا صحيح فقد تظهر للعباد الحكمة من الفعل والأمر وقد لاتظهر، أما في واقع الأمر فإن الله لا يفعل ولا يأمر ولا يبتلي إلا لحكمة بل غاية الحكمة في فعله وأمره، يدل على هذا وصفه جل وعلا (الحكيم) في آي كثيرة من القرآن الكريم، فإن هذا الوصف يلزم منه أن جميع أفعاله وأوامره ونواهيه لا تصدر إلا عن حكمة بالغة، كما أن وصفه بالعليم والخبير وسائر صفاته يلزم منها كمال العلم وأنه الخبير بكل شيء، وإن أنكرنا ذلك عطلنا هذه الفات وكذلك وصف (الحكيم) من أنكر أنه يفعل (لحكمة) فإنه معطل لهذه الصفة، وهي من صفات كماله جل وعلا، بل نص الله في القرآن في مواضع كثيرة بلام التعليل التي تتدل على الغاية من الأمر والفعل، مثل قوله جل وعلا {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا}؟ والأمر كما قال ابن القيم - رحمه الله – "وأما طريقة إنكار الحكم والتعليل ونفي الأوصاف النقتضية لحسن ما أمر به وقبح من نهى عنه وتأثيرها واقتضائها للحب والبغض الذي هو مصدر الأمر والنهي بطريقة جدلية كلامية، لا يتصور بناء الأحكام عليها، ولا يمكن فقيها أن يستعملها في باب واحد من أبواب الفقه، كيف والقرآن وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مملوآن من تعليل الأحكام بالحكم والمصالح وتعليل الخلق بهما والتنبيه على وجوه الحكم التي لأجلها شرع تلك الأحكام ولأجلها خلق تلك الأعيان، ولو كان هذا في القرآن والسنة نحو مائة موضع أو مائتين لسقنااها ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة، فتارة يذكر لام التعليل الصريحة، وتارة يذكر المفعول لأجله الذي هو المقصود بالفعل، وتارة يذكر (من أجل) الصريحة في التعليل وتارة يذكر أداة كي، وتارة يذكر الفاء وأن وتارة يذكر أداة لعل المتضمنة للتعليل المجردة عن معنى الرجاء المضاف إلى المخلوق، وتارة ينبه على السبب وذكره صريحاً، وتارة يذكر الأوصاف المشتقة المناسبة لتلك الأحكام ثم يرتبها عليها ترتيب المسببات على أسبابها، وتارة ينكر على من زعم أنه خلق خلقه وشرع دينه عبثاً وسدى، وتارة ينكر على من ظن أنه يسوى بين المختلفين الذين يقتضيان أمرين مختلفين، وتارة يخبر بكمال حكمته وعلمه المقتضي أنه لا فرق بين متماثلين ولا يسوى بين مختلفين وأنه ينزل الأشياء منازلها ويرتبها مراتبها، وتارة يستدعي من عباده التفكر والتأمل والتدبر والتعقل لحسن ما بعث به رسوله وشرعه لعباده، كما يستدعي منهم التفكر والنظر في مخلوقاته وحكمها وما فيها من المنافع والمصالح وتارة يذكر منافع مخلوقاته وحكمها وما فيها من المنافع والمصالح، وتارة يذكر منافع مخلوقاته منبهاً بها على ذلك وأنه لا إله إلا هو، وتارة يختم آيات خلقه وأمره بأسماء وصفات تناسبها وتقتضيها، والقرآن مملوء من أوله إلى آخره بذكر حكم الخلق والأمر ومصالحهما ومنافعهما وما تضمناه من الآيات الشاهدة الدالة عليه، ولا يمكن من له أدنى اطلاع على معاني القرآن إنكار ذلك)، انتهى. انظر: مفتاح دار السعادة ٢/ ٢٢، ٢٣. وقول المصنف: "وكل هذا لا مصلحة لموسى فيه" غير صحيح فإن لموسى عليه السلام مصالح في ذلك وأظهرها وأوضحها أنه بهذا الابتلاء يتبوأ المرتبة العليا عند الله جل وعلا، ولا يتميز أهل الصلاح من غيرهم إلا بتجاوز الامتحانات والاختبارات التي يختبرهم الله بها وقد قال عليه السلام حين سئل: أي الناس أشد بلاءاً قال: "الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل". أخرجه ت. في الزهد ٤/ ٦٠١، وقال حسن صحيح. حم ١/ ١٧٢، ١٧٤ من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - وذلك ليرفعهم الله عنده درجات، وأي مصلحة أعظم من هذه المصلحة، وإن عني المصنف بقوله: "وما لا مصلحة لهم فيه" الرد على المعتزلة القائلين بأن الله يجب عليه فعل الأصلح لعباده، فهذا حق لا مرية فيه؛ لأن الواقع يكذب قول المعتزلة، والله عزوجل لا يجب عليه إلا ما أوجبه على نفسه، ولا يوجد دليل في القرآن أو السنة أن الله أوجب على نفسه فعل الأصلح لعباده فيكون كلام المعتزلة تخرص وقول على الله بلا علم بعباده من كلام الله أو كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم-؟ أما ما عدا ذلك فتخرصات وجرأة على الله وقول عليه بغير علم.