للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان الخطاب للجميع وهو كقوله تعالى: {أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ} (١) فعم الناس بالإنذار، وأخبر أنه لا ينتفع بالإنذار إلا البعض، فقال: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ} (٢) وكقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ (٣) مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} (٤) وكقوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (٥) فالدعوة من الله على ألسنة الرسل والبيان والدلالة عامة لجميع الخلق، ولم يجعل الله إلى الرسل إلا ذلك ولا أقدرهم ولا أمرهم إلا بذلك، وأما الهداية الذي هو التأييد والتسديد والتوفيق (٦) وتنوير القلوب فالله تعالى (٧) يختص به من يشاء من عباده ولم يجعل إلى الرسل منه شيئاً، وهو المراد باختباره تعالى عن نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم-: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (٨)، وذلك أن أبا طالب بن عبد المطلب قال عند موته: يا معشر بني هاشم أطيعوا محمداً وصدقوه تصلحوا وترشدوا، فقال له (٩) النبي - صلى الله عليه وسلم-: يا عم تأمرهم بالنصيحة وتدها لنفسك قال: فما تريد يا ابن أخي، قال: أريد منك كلمة واحدة فإنك (١٠) في آخر يوم من أيام حياتك أن تقول لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله، فقال: يا ابن أخي قد علمت أنك صادق ولكني أكره أن يقال جزع (١١) عند الموت، ولولا أن يكون عليك وعلى بني أبيك غضاضة ومسبة بعدي لقلتها، ولأقررت عينك عند الفراق لما أرى من شدة وجدك ونصحك، ولكن سوف أموت على ملة الأشياخ عبد المطلب وهاشم


(١) يونس آية (٢).
(٢) يس آية (١١) وفي الأصل أضاف (وخش) وما أثبت كما في - ح-.
(٣) في - ح- (انما تنذر).
(٤) النازعات آية (٤٥).
(٥) الذاريات آية (٥٥).
(٦) في - ح- (في التوفيق).
(٧) في النسختين (قال الله تعالى) ولا يستقيم بها الكلام ولعل صوابها كما أثبت.
(٨) القصص آية (٥٦).
(٩) (له) ليست في - ح-.
(١٠) في - ح- (وابك).
(١١) في - ح- (خرج).

<<  <  ج: ص:  >  >>