للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإرادة فلا تتصف بذلك (١).

ثم يقال لهذا المخالف: لسنا ننكر أن الله سبحانه لو شاء أن يجبر العباد على أفعال الطاعات والإيمان ويضطرهم إلى ذلك لكان قادراً عليه لأنه لا يعجزه شيء أراده.

وقد أخبر سبحانه عن ذلك بقوله تعالى: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} (٢)، ونقول مع ذلك: إن الله سبحانه لو شاء أن يؤمن جميع أهل الأرض باختيار منهم بأن يحبب إليهم الإيمان ويزينه في قلوبهم فيطيعوه ويخلق فيهم الرغبة إلى ثوابه، ويكره إليهم الكفر (٣) والعصيان ويخلق في قلوبهم الرهبة والخوف من (٤) عذابه لكان قادراً على


(١) لعل المصنف - رحمه الله - يقصد هنا بالإرادة والإرادة الدينية الشرعية المستلزمة لمحبة الله ورضاه، لهذا قال: "إنها لا تتصف بذلك"، أي لا تتصف المشيئة بهذا المعنى أي مشيئة الاختيار ومشيئة القهر والإجبار. فعليه يقال: إن المشيئة لم ترد في القرآن الكريم إلا على معنى الإرادة الكونية القدرية التي لابد من وقوعها كما سبق بيانه ص ٣٢٩.
وتقسيم المصنف - رحمه الله - للمشيئة بناء على كلام القدري غير وارد، حيث لم أر من قسمها إلى هذا التقسيم، بل المشيئة شيء واحد وهو أنها الموجبة لكل فعل وقع، كما دل على ذلك الشرع أما الاختيار والإرادة للعبد فهي ثابتة بالشرع والعقل، والله أعلم.
(٢) الشعراء آية (٤).
(٣) في - ح - أضاف (والفسوق).
(٤) في الأصل (عن) وما أثبت من - ح-.

<<  <  ج: ص:  >  >>