للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغلبان عسراً" (١)، وقال ابن مسعود: "لو أن العسر في حجر لتبعه اليسر حتى يستخرجه لن يغلب عسر يسرين" (٢).

وتفسير ذلك أن العرب إذا ذكرت نكرة ثم أعادتها منكرة فهي غيرها، وإذا ذكرت نكرة ثم أعادت ذكرها بالألف واللام فهي الأولة بعينها، تقول: إذا كسبت درهما فأنفق درهما، فالثاني غير الأول، ولو قال: إذا كسبت درهما فأنفق الدرهم، فالثاني هو الأول، فلما ذكر الله العسر معرفاً بالألف واللام ثم أعاد ذكره معرفاً بالألف واللام علم أن الثاني هو الأول، ولما ذكر اليسر بغير ألف ولام ثم أعاد ذكره أيضاً علم أن اليسر الثاني غير الأول، فلذلك قيل: "لن يغلب عسر يسرين" فهذا المذكور في لغة العرب، وأما اليسر والعسر المذكوران في الآية التي احتج بها فأراد باليسر السعة في الرخصة بترك الصوم للمسافر والمريض لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ


(١) أخرجه ابن جرير والحاكم عن الحسن مرسلاً ولفظه عند ابن جرير "قال الحسن: لما نزلت هذه الآية {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ابشروا أتاكم اليسر لن يغلب عسر يسرين"، وأخرجه عنه بلفظ آخر وهو رواية الحاكم أيضاً "خرج النبي - صلى الله عليه وسلم- يوماً مسروراً فرحاً وهو يضحك وهو يقول: لين يغلب عسر يسرين إن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً" وأخرجه ابن جرير عن قتادة مرسلاً أيضاً. انظر: تفسير ابن جرير ٣٠/ ١٣٦، المستدرك ٢/ ٥٢٨ وليس في شيء من ألفاظه التي رأيت (ويسران يغلبان عسراً).
(٢) أخرجه ابن جرير عن رجل عن ابن مسعود رضي الله عنه ٣٠/ ١٣٦، وأخرجه الطبراني في الكبير عن ابن مسعود مرفوعاً ١٠/ ٨٥، وفي إسناده أبو مالك النخعي عبد الملك بن حسين، ضعفه أبو زرعة والدارقطني، وقال ابن معين: "ليس بشيء". ميزان الاعتدال ٢/ ٦٥٣، وأخرجه الحاكم والبزار مرفوعاً من حديث أنس، وقال البزار: "لا نعلم رواه عنه إلا عائذ بن شريح"، وقال الذهبي في تلخيص المستدرك: "تفرد به حميد بن حماد عن عائذ وحميد منكر الحديث كعائذ". المستدرك، كتاب التفسير ٢/ ٢٥٥، كشف الأستار ٣/ ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>